تحتاج الشركات لتقييم نتائج برامج التدريب والتحقق من فعاليتها في تحقيق الأهداف المرجوة. قدم الجزء الأول من المقال 4 تقنيات فعالة في تقييم برامج تدريب الموظفين وتقدير مساهمتها في تحقيق الأهداف المرجوة، ويبحث الجزء الثاني منه في مجموعة أخرى من التقنيات، فتابعوا معنا السطور التالية.
يجب أن تختار تقنية التقييم التي تناسب احتياجاتك قبل أن تحدد العناصر المستهدفة من العملية وآلية إجرائها.
تساعد التقييمات الشاملة في الحصول على معلومات قيِّمة عن عيوب برامج التدريب، ومن هذا المنطلَق، يجب تقييم البرنامج خلال مراحل الإعداد باستخدام أدوات التقييم التكويني، وبعد إنهائه باستخدام التقييمات الختامية.
تهدف تقنيات التقييم التكويني إلى اكتشاف الأخطاء وتصويبها قبل أن تتفاقم وتؤثر في فعالية التجربة. يمكن إجراء اختبار قبول المستخدم قبل إطلاق الدورة التدريبية من أجل التحقق من سهولة استخدام المنصة، أو يمكنك أن تطلب من أحد خبراء المادة مقارنة مستوى صعوبة الاختبارات مع محتوى الدورة التدريبية.
يُطلَق على التقييمات الختامية أيضاً اسم تقنيات التقييم التالية للتدريب لأنّها تجري بعد انتهاء البرنامج، ويُذكَر من أمثلتها نموذجا "كيرك باتريك" و"أندرسون".
يتألف النموذج من 4 مراحل وهي: تقييم الظروف، والمعطيات، وإجراءات العمل، والنتائج، ويُستخدَم لتقدير فعالية برامج التدريب وتحسينها. وضع الأستاذ الجامعي "دانيال ستافلبيم" (Daniel Stufflebeam) نموذج دوري وتكراري يأخذ بعين الاعتبار مجموعةً من العوامل عند تقييم برامج التدريب، وأطلق عليه اسم "نموذج القرارات المتعددة".
تُستخدَم نتائج التقييم في نهاية كل مرحلة في إجراء التعديلات والتحسينات اللازمة، مما يساعد كل من المدراء وخبراء الموارد البشرية في تلبية الاحتياجات التدريبية المتغيرة. تسهم هذه التعديلات مع مرور الوقت في زيادة فعالية التدريب وتحسين جودة النتائج.
في ما يلي، 4 مراحل لتطبيق النموذج:
تهدف هذه المرحلة إلى تقييم بيئة التدريب، وهي تساعد في فهم الاحتياجات، والأهداف، وصعوبات التنفيذ، وتقتضي جمع المعلومات عن رسالة المؤسسة، وأهدافها، وثقافتها، والعوامل الخارجية، مثل المتطلبات التنظيمية وتوجهات قطاع العمل، ثم يجري، بعد ذلك، تقييم مواصفات الجمهور المستهدف واحتياجاتهم.
تركز المؤسسات في هذه المرحلة على مصادر ومواد التدريب، وذلك بالتحقق من توفر المواد اللازمة لتحقيق أهداف التدريب، وتقييم المنهج، والمواد، وأساليب التلقين، ومؤهلات طاقم العمل، والتمويل. يجب أن تتحقق من توافق هذه المعطيات مع أهداف برنامج التدريب، وتتأكد من كفايتها، وجودتها.
التحقق من فعالية وكفاءة إجراءات تنفيذ برنامج التدريب، وجمع البيانات عن طرائق التلقين، ومستوى اندماج المشاركين، وتجربة التدريب. تقتضي الخطوة التالية البحث عن التعديلات والفرص المتاحة لتحسين تجربة التدريب.
تركز الخطوة الأخيرة على التحقق من فعالية البرنامج في تحقيق النتائج المرجوة والتأثير المطلوب، بالإضافة إلى جمع المعلومات عن مهارات المشاركين ومعرفتهم، وسلوكاتهم بعد انتهاء التدريب. يجري خلال هذه المرحلة تقييم شامل لفعالية برنامج التدريب ومدى توافقه مع الأهداف الموضوعة في المرحلة الأولى.
يركز هذا النوع من التقييمات على تحليل البيانات السردية التي تنتج عن المقابلات، والمناقشات الجماعية المركزة، وإجابات استطلاعات الرأي المفتوحة، ووجهات النظر الكتابية، على سبيل المثال. يتم تقييم فعالية برامج التدريب عن طريق تحليل تجارب المشاركين، وأفكارهم، والتغيرات النوعية في سلوكاتهم ومواقفهم.
تقدم التحليلات النوعية معلومات وافية ومفصلة عن تجارب المشاركين، ما يعني أنها تناقش الجوانب التي تغفلها التقييمات العددية. تقتضي وظيفة القائد البحث في أسباب وآلية تغير مواقف المشاركين وسلوكاتهم، مما يسهم في إجراء تقييم شامل لكافة جوانب برنامج التدريب.
في ما يلي، 7 مراحل للتحليلات النوعية:
إجراء مقابلات، أو نقاشات جماعية مركزة، أو استطلاعات رأي مفتوحة، أو تكليف المشاركين بتقديم تقييم كتابي عن تجربة التدريب. تقتضي الخطوة التالية جمع البيانات والتحقق من توافقها مع أهداف التدريب والنتائج المتوقعة منه.
تنظيم البيانات النوعية وتوثيقها، وتدوين محاور المقابلات والنقاشات، وتجميع الإجابات المتشابهة، والتحقق من قابلية البيانات للتحليل.
تحديد المواضيع، والأنماط، والمفاهيم الرئيسة ضمن البيانات، وتشفيرها بهدف تصنيف وعنونة الأفكار، والآراء، والتجارب المشتركة.
دراسة البيانات المشفرة وتحديد التوجهات والمواضيع المتكررة، والقواسم المشتركة بين الإجابات، بالإضافة إلى تقييم آلية تأثير التدريب في معلومات المشاركين، وسلوكاتهم، ومواقفهم.
استخلاص نتائج برنامج التدريب عن طريق شرح الأنماط التي لوحظت ومقارنة البيانات مع أهداف البرنامج.
إصدار تقرير عن نتائج التحليل النوعي من خلال استخدام الشروحات الوصفية، والملخصات، وتقييمات المشاركين. يمكن الاستفادة من المخططات، والرسوم البيانية، والتمثيلات البصرية في تقديم النتائج بأسلوب واضح.
تساعد البيانات الناتجة في تحسين برامج التدريب، ويمكن استخدام هذه المعلومات في تعديل مواد التدريب، أو طرائقه، أو منهجياته. تهدف هذه الإجراءات إلى تلبية احتياجات وتوقعات المشاركين في التدريب.
يجب تحديد مؤشرات الفعالية قبل بدء إجراءات تقييم برامج تدريب الموظفين. هل يُعتبَر التدريب فعال عندما ينجح في تحسين ثقافة الشركة، أو أداء الموظفين، أو زيادة مستوى سعادتهم؟
يُفضَّل أن تستخدم أكبر عدد ممكن من المؤشرات لكي تحصل على المعلومات التي تحتاج إليها لتحسين البرنامج.
في ما يلي، مجموعة من المؤشرات المستخدمة في تقييم برامج تدريب الموظفين:
تهدف تدريبات الإقناع، على سبيل المثال، إلى تنمية مهارات الإقناع بين العاملين في قسم المبيعات، مما يجعل اكتساب المهارات والمعلومات الجديدة من أهم المقاييس المستخدمة في تقييم فعالية هذا النوع من التدريبات.
يُطلَق على مؤشر تطور المعرفة والمهارات الاصطلاح "أداء التعلم" لأنّه يتعلق بأداء الموظف بصفته متدرب ولا يُعنَى بأدائه في العمل. ثمّة عدد كبير من التقنيات البسيطة التي تساعد في تقييم أداء المتدرب باستخدام "أنظمة إدارة التعلم" (LMS).
غالباً ما تغفل منهجيات تقييم التدريب مؤشر تجربة التعلم؛ حيث ينخفض مستوى اندماج الموظفين مع محتوى التدريب عندما تكون التجربة سيئة، مما يقلل من احتمال اكتساب المهارات اللازمة لتحسين أداء العمل.
يمكن أن تؤدي هذه المشكلة إلى هدر كثيرٍ من الوقت والموارد على برنامج تدريب لا يحقق النتائج المرجوة، لهذا السبب يجب أن تطلب آراء الموظفين بطريقة التقديم والمحتوى. تساعد التغذية الراجعة التالية للتدريب في تقييم فعاليته والحصول على معلومات قيِّمة عن آلية تحسينه.
تعتمد سعادة عدد كبير من الموظفين في مكان العمل على برامج التدريب التي تقدمها الشركة لأنّها تساعدهم في تحقيق التقدم والتطور المهني، وتمكِّنهم من الحصول على فرص عمل جديدة.
تسهم هذه السعادة في تعزيز الجهود المبذولة، وزيادة مستوى الالتزام والولاء للعلامة التجارية، وتحسين جودة النتائج المُحرَزة. بالتالي، تُعتبَر سعادة الموظفين من أهم مؤشرات نجاح التدريب، وأفضل النتائج التي يمكن أن تحرزها المؤسسة.
يُعتبَر عامل الثقافة من أبرز عوامل تحقيق التميز في ظل احتدام المنافسة بين الأعمال التجارية حول العالم. بالتالي، يجب أن تحافظ على ثقافة الشركة عن طريق إجراء التدريبات التي تسهم في ترسيخ قواعد مكان العمل والقِيَم الضرورية لنجاح المؤسسة.
يجب أن تحرص على تقييم التأثير الثقافي عند تطبيق برامج تأهيل الموظفين الجدد وتدريبات الحساسية، وذلك عن طريق حساب مقدار التغير في عدد شكاوى قسم الموارد البشرية بعد التدريب أو تقييم نتائج مراجعات الأقران المتعلقة بعمل الفريق والمواقف الإيجابية.
يبحث هذا المقياس في تأثير التدريب على فعالية الموظفين أو الفِرَق.
يعتمد اختيار المقياس المناسب لتقدير الفاعلية على قطاع العمل والقسم المستهدف من برنامج التدريب.
يمكن أن تجري إحدى شركات التصنيع على سبيل المثال برنامج لتدريب العاملين على استخدام المعدات الجديدة، ثم تحسب الزيادة في عدد الوحدات المُنتَجة باليوم الواحد. بالمقابل، يمكن أن تحسب شركات التكنولوجيا عبر الإنترنت عدد الطلبات والمشكلات التي يحلّها فريق دعم العملاء بعد إنهاء برنامج التدريب.
أخيراً، لا بد من تقييم نتائج برامج تدريب الموظفين على الوضع المالي للشركة، وذلك عن طريق حساب مقدار التغير في الإيرادات والأرباح.
تزداد المبيعات والإيرادات، وتنخفض التكاليف عندما ينجح برنامج التدريب، وتُسفر مقاييس تقييم الفعالية عن نتائج إيجابية.
يواجه القائمون على التدريب صعوبة في تقييمه والتحقق من نجاحه في تحقيق الأهداف المرجوة، وقد قدم الجزء الثاني من المقال معلومات وافية عن تقنيات التقييم وأبرز مؤشرات نجاح التجربة، تابعوا معنا في الجزء الثالث من المقال.