9th مارس, 2025
9th مارس, 2025
لقد تطور التيسير وأصبح إجراءً مستقلاً بحد ذاته؛ إذ إنَّه يُستخدَم على نطاق واسع في تنظيم الاجتماعات، وضمان الاتفاق على قرار مناسب، وحل المشكلات، وابتكار الأفكار.
يعرِّف الباحث "تريفور بينتلي" (Trevor Bentley) التيسير على النحو التالي:
"تأمين الفرص، والموارد، والتشجيع، والدعم الذي تحتاج إليه مجموعة من الأفراد لتحقيق أهداف معيَّنة، وهذا يتم عن طريق تمكين المجموعة من تولي زمام الأمور وتحمُّل مسؤولية سير العملية".
يعود أصل كلمة "facilitate" إلى اللغة اللاتينية وتأتي بمعنى تسهيل الأمور، ويمكن تعريف مفهوم "التيسير" على أنًّه عملية تركيز جهود مجموعة من الأفراد على هدف محدد.
يعرِّف المؤلف "إنغريد بِنز" (Ingrid Bens) اصطلاح "الميسِّر" على النحو التالي:
"شخص مسؤول عن تنظيم تفاعلات مجموعة من الأفراد لكي يعملوا بكفاءة عالية ويتمكنوا من اتخاذ قرارات سديدة. تقتضي وظيفة الميسِّر دعم الأفراد ورفع سوية الأداء الجماعي".
يقتضي دور الميسِّر توجيه الأفراد لتحقيق نتيجة فعّالة من عملية معيَّنة ولتكن اجتماع، أو جلسة عصف ذهني، أو إعداد برنامج تدريب وتطوير، أو جلسة تخطيط، أو بناء فريق، أو تسوية نزاع، وأي حالة أخرى تقتضي تعاون مجموعة من الأفراد على تحقيق نتيجة أو هدف محدد.
تقتضي الخطوة الأولى وضع الأهداف والقواعد الأساسية؛ إذ يساعد التحليل والتخطيط المسبق في زيادة فعالية العملية، ولكن يجب أن تحرص على التجاوب مع احتياجات المجموعة وظروف الجلسة.
بالتالي، يجب أن تبدأ بتوضيح النتيجة التي يمكن تحقيقها ضمن الوقت المتوفر، وتتفق مع المشاركين على آلية مناسبة لتسوية النزاعات والتعامل مع حالات اختلاف الآراء ووجهات النظر، كما يجب أن توضح لهم دورك في العملية. يجب أن تشجع أجواء الجلسة على الثقة، والشفافية، والسرية.
تقتضي وظيفة الميسِّر ضمان التزام أعضاء المجموعة بالقواعد والأهداف الموضوعة خلال الجلسة.
يمكن أن يواجه الميسِّر صعوبة في اتخاذ موقف حيادي، وقد يعمد إلى توجيه المجموعة نحو نتيجة يرى أنها مناسبة. هذا السلوك منافٍ لمفهوم التيسير.
تقتضي وظيفة الميسِّر التأثير في المجموعة دون أن يتحكم بها، وهذا يتطلب منه الاحتفاظ بأفكاره الشخصية والحلول التي يراها مناسبة، وتشجيع المشاركين على طرح آرائهم. لا ريب أنَّ هذه المهمة أصعب مما تبدو عليه؛ إذ يقع على عاتق الميسِّر مهمة توجيه أفراد المجموعة دون أن يفرض عليهم أفكار أو حلول معيَّنة. حاول أن تساعد المشاركين على الاتفاق على فكرة أو إجراء ما لكي يشعروا بأنهم توصلوا إلى النتيجة النهائية بأنفسهم دون أي تدخُّل منك.
يعرِّف عالم النفس "كورت ليوين" (Kurt Lewin) التفاعلات الجماعية على أنها الأنماط والسلوكيات التي يستخدمها الأفراد عند التعامل مع الآخرين والعمل المشترك ضمن إطار الفريق أو المجموعة.
بالتالي، يجب أن تركز على عملية التفاعل بحد ذاتها، وتقدِّر مدى استعداد الحاضرين للمشاركة في الحوار لكي تستثمر إمكانياتهم في تحقيق الأهداف المرجوة من الاجتماع.
حاول أن تستخدم حواسك، وحدسك، وغرائزك في تحديد طبيعة التفاعلات والأجواء السائدة خلال الاجتماع، وتقدِّر مستوى حماس الحاضرين، ومشاركتهم، ومساهمتهم في النقاش. يمكنك أن تطرح الأسئلة لكي تشجعهم على المشاركة وتوضيح وجهات نظرهم، وحاول أن تركز على حالتهم الانفعالية، وتقرأ لغة جسدهم وتحلل سلوكياتهم غير اللفظية.
تعتمد وظيفة الميسِّر بالأساس على حضوره، وشخصيته، وتأثيره في أجواء الجلسة أكثر من التقنيات والإجراءات التي يستخدمها لمساعدة المجموعة.
تعتمد مهارات التيسير على شخصية الفرد، وأسلوب تعامله مع الآخرين، وحضوره بين الناس؛ إذ ينجح الميسِّر في تعزيز الشفافية والمصداقية عندما يتعاطف مع الموجودين ويكسب ثقتهم واحترامهم. يجب أن يثق الحاضرون من ناحية أخرى بقدرة الميسِّر على التعامل مع المواقف الصعبة التي يمكن أن تطرأ خلال النقاش.
يبرز حضور الميسِّر من خلال وضعية ومكان جلوسه، وهيئته، ومقدار ثقته بنفسه، ومستوى سعادته وحماسه، ونبرة صوته.
يراقب الميسِّر مجريات الجلسة، ويتصرف بحسب سير النقاش، وقد يقرر أن يبقى صامتاً ويكتفي بالإصغاء إلى الحاضرين أو يتدخل في النقاش. يمكن أن يعبر الميسِّر عن تأييده، أو رفضه من خلال لغة جسده، ونظراته، وذلك عن طريق الابتسام أو هز الرأس على سبيل المثال.
يمكن أن تواجه صعوبة في لفت أنظار أفراد المجموعة إلى آراء مخالفة لوجهات نظرهم الشخصية، وقد تطرح أسئلة صعبة تناقش قضايا مزعجة بالنسبة للأعضاء. تقتضي وظيفة الميسر طرح هذه القضايا الشائكة بصراحة أو المساهمة في لفت الانتباه إليها، وذلك تبعاً للظروف.
تتمثل أبرز معوقات التيسير الفعّال في التعامل مع الأشخاص صعبي المراس، وتسوية النزاعات.
لا تكمن المشكلة الحقيقية باختلافات الرأي الواضحة خلال النقاش، بل بالصراعات الكامنة خلفها. ثمة تقنيات ومهارات تساعد في الاستجابة لهذه المواقف الحساسة، وغالباً ما يعتمد نجاح الجلسة على آلية التعامل مع القضايا الجدلية.
يمكنك أن تقترح على أعضاء المجموعة أخذ استراحة قصيرة، أو تغيير مكان الجلسة، أو تقسيم المشاركين إلى ثنائيات عند التعامل مع مسألة جدلية. قد يتسبب أحد المشاركين في عرقلة سير النقاش، وعندها يُفضَّل أن تتحدث معه على انفراد وتواجهه بسلوكياته، وتشرح له عن تأثيرها في بقية أعضاء المجموعة.
يعتمد التيسير بالأساس على المهارات الشخصية، والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة، كما تساعد الممارسة في تنمية مهارات الملاحظة، والإصغاء، وقراءة لغة الجسد، وتحليل السلوكيات البشرية.
يزداد الطلب على مهارات التيسير في الوقت الحالي، وقد أدركت الشركات حاجتها لوجود مختص يساعد في تنظيم الاجتماعات وتحقيق النتائج المرجوة منها. قدَّم المقال 7 خطوات للتيسير الفعّال الذي يضمن تحقيق النتائج المرجوة من الاجتماعات.
