يتمثل أهم دور للمدربين في توفير بيئة تعلُّم تؤدي إلى النمو والتطور، ولكن لا يمكن تحقيق ذلك دون تقديم التغذية الراجعة، التي تقيِّم أداء المتدربين، وتساعدهم في معرفة مستواهم، وما إذا كانوا بحاجة إلى تحسين جوانب معينة، ويساعد تقديمها في تقييم تقدم المتدرّبين، وتسهيل عملية تعلُّمهم.
أظهرت دراسة، أنَّ التغذية الراجعة السلبية تحبط المتدربين؛ لذا، يجب التأكد من تقديم التغذية الراجعة الإيجابية كي يتحقق التحسين المطلوب، ولكن لا يعني هذا أنَّ المدرب لا يستطيع انتقاد عمل المتدربين. تقوم التغذية الراجعة الفعالة على 3 مبادئ:
في بيئات التعلم الرسمية، هناك 5 أنواع مختلفة للتغذية الراجعة:
وهي التي تُطرَح تلقائياً دون تخطيط مُسبق، وتعتمد على مدى قوة العلاقة مع المتدربين، ويمكن تقديمها في الصفوف الدرلسية أو حتى عبر المكالمات الهاتفية.
وهي التي يتم تحضيرها، وجدولتها، وتقديمها رسمياً؛ حيث توفر تقييماً دورياً لأداء المتدربين.
تهدف إلى توضيح المعايير التي يجب الالتزام بها في المهام لتجنب تكرار الأخطاء الشائعة، وعادة ما تُقدَّم أثناء التدريب أو قبله.
يركز هذا النوع من التغذية الراجعة على تقييم المهمة بعد إنجازها، وتتضمن تعليقات مفصَّلة، وتصويبات، وإرشادات للتحسين، وتوضح معايير التقييم.
وهي من أفضل أنواع التغذية الراجعة في الصفوف الدراسية؛ لأنَّها تقدم للمتدربين فرصة للإصغاء إلى آراء أقرانهم من جهة، ومقارنة تغذيتهم الراجعة بملاحظات زملائهم من جهة أخرى.
يختلف المتدربون عن بعضهم، وبالتالي يجب أن يتَّبع المدرب أساليب مختلفة لتقييمهم وتحفيزهم، ويهتم باحتياجاتهم لتحسين أدائهم.
تشير دراسة حديثة عن استطلاع "تمكين المعلمين" (The Teacher Empowerment Survey) إلى أنَّ أكثر من 65% من المدربين الذين لا يقدمون التغذية الراجعة للمتدربين، يجدون صعوبة في الاتفاق معهم.
ووفقاً لهذا الاستطلاع، يعود تقديم التغذية الراجعة الشخصية بالفوائد التالية:
يجب أن تكون التغذية الراجعة البنَّاءة واضحة وتركز على مهمة، أو مهارة، أو معايير معينة، ليفهم المتدربون الغرض منها.
هناك كثير من الأدوات والأساليب التعليمية التي تساعد في تقديم التغذية الراجعة الدقيقة. يستطيع المدربون مثلاً كتابة ردود للمتدربين أو استخدام أدوات لتصحيح واجباتهم، وقد يستغرق ذلك بعض الوقت، ولكنَّه سيعزز فعالية عملية تقديم التغذية الراجعة. كما يستطيع المدربون استخدام الأدوات الرقمية مثل "الروبرك" (Rubrics) لتقديم تغذية راجعة فعالة ومحددة.
شدد أحد مقالات موقع "إنديد" (Indeed)، على أهمية اكتساب المهارات التنظيمية في القرن الحادي والعشرين؛ لأنّها تساعد في تقديم التغذية الراجعة الفعّالة؛ إذ يجب أن يحتفظ المدربون بسجلات التقييم اليومية والأسبوعية.
ويمكن الاحتفاظ بهذه السجلات عبر:
يؤدي تنظيم التغذية الراجعة اليومية أو الأسبوعية ضمن مكان واحد إلى تسهيل الوصول إلى التغذية الراجعة من جهة، وتتبع تقدُّم المتدربين بناءً على هذه التعليقات من جهة أخرى.
تُعد عبارات مثل "أحسنت"، و"عمل رائع" إيجابية؛ ولكنَّها ليست كافية لتقديم تغذية راجعة فعّالة. لذا، يجب تجنب التعليقات العامة، واستخدام عبارات محددة تعزز فاعلية التقييم. فيما يلي بعض الأمثلة عن العبارات والكلمات التي يستخدمها المدربون لتقديم تغذية راجعة فعالة في الصف:
يشجع تقديم مثل هذه التعليقات المحددة المتدربين على الإصغاء والاستفادة من التغذية الراجعة في تحسين الأداء، ويُظهر أنَّ المدرب صحَّح المهام بعناية. تساعد التغذية الراجعة البنّاءة في تنمية المتدربين وتشجيعهم.
وفقاً لأحد الاستطلاعات، يفضل 50% من المتدربين التغذية الراجعة الفورية، بينما يرغب 22% منهم بتأجيلها، ولم يكترث باقي المتدربين بتوقيت تقديمها بقدر اهتمامهم بأسلوب التقييم.
ولكن، لا ينبغي التأخُّر في تقديم التغذية الراجعة؛ إذ تبين أنَّ المتدربين الذين يتلقون التقييم خلال 24 إلى 48 ساعة يتحسن أداؤهم وقدرتهم على ترسيخ المعلومات.
وفيما يلي سلبيات تأجيل التغذية الراجعة:
يحتاج المتدربون إلى التشجيع والثناء ليحققوا التنمية الأكاديمية، والاجتماعية، وأحياناً العاطفية، وذلك عبر إجراء جلسات أسبوعية للاطمئنان على وضعهم والتقرُّب منهم.
يجب أن يطرح المتدربون أسئلة معينة على المتدربين بعد توزيع المهام، أو مباشرة المشروع. وفيما يلي بعض من هذه الأسئلة:
تساعد مثل هذه الأسئلة في بناء علاقات طيبة مع المتدربين، وتحسين تجربة التعلم.
يجهل معظم المتدربين الدروس والموضوعات الجديدة التي تُطرَح في الجلسات؛ لذا يجب أن يقدمها المدرب بطريقة تناسب مستواهم. يمكن استخدام نموذج يستعين به المتدربون لحل الواجبات التي سيتلقون تقييماً عنها.
كما يستطيع المدرب تقديم نماذج محلولة أو جرى تصحيحها؛ ليفهموا لماذا كانت درجاتهم عالية أو منخفضة، مما يؤدي إلى تحسين أدائهم.
إنَّ لغة الجسد وتعابير الوجه من الأساليب الهامة لتقديم التغذية الراجعة. لذا، يجب أن يتقن المدربون تقديم التقييمات غير اللفظية بكفاءة عبر إظهار لغة جسد إيجابية تعكس الود تجاه المتدربين أثناء تقديم التغذية الراجعة.
يؤدي انتقاد المتدربين أمام أقرانهم إلى إحراجهم، وقد يمتنعون عن الإصغاء إلى المدرب حتى؛ لذلك يجب اتباع أساليب أخرى لتوجيه النقد مثل:
يُستخدَم هذا الأسلوب لتقديم التغذية الراجعة الفعّالة للمتدربين؛ حيث يبدأ المدرب بتعليق إيجابي، ثم يتبعه بنقد أو تصحيح، وأخيراً يختمه بثناء بعد العمل بالتغذية الراجعة.
ينحاز كثير من المدربين ضد متدربين معينين بسبب أدائهم وسلوكهم السابق في الصف. ولكن، يجب أن تُقيَّم كل مهمة بموضوعية حتى لو كان أداؤهم السابق غير موفَّق؛ إذ يجب أن يفكر المدربون بطريقة نقدية، ويتجنبوا التحيُّز، وذلك لتحسين أداء المتدربين.
يُنصَح بأن يتبادل المدربون والمتدربون التغذية الراجعة؛ حيث يقيِّم المدربون أداء المتدربين، بينما يقيِّم المتدربين أسلوب التدريس. تحسِّن مثل هذه الحوارات آلية التغذية الراجعة وإجراءات التعلم.
تساهم التغذية الراجعة الفعالة في تحقيق نتائج إيجابية في الصف؛ إذ يجب أن يستخدم المدربون استراتيجيات مفيدة لتقديمها من أجل تحسين عملية التدريس والتعلم، وإنشاء علاقات إيجابية مع المتدربين، مما يؤدي بدوره إلى زيادة فعالية الصفوف، وتوفير بيئة إيجابية للتعلم والنمو والإبداع.