تدرك معظم الشركات أهمية تدريب الموظفين وترغب بإجرائه مباشرة، ولكنَّها تغفل عن خطوة هامة، ألا وهي إجراء تحليل لاحتياجات التدريب (TNA)، والتي تُعدُّ أوَّل خطوة لتطوير برنامج تدريب ناجح.
نستعرض في هذه المقالة بجزأيها دليلاً شاملاً حول إجراء تحليل احتياجات التدريب لبرنامج التعلم، بالإضافة إلى أمثلة مفيدة ونظرة عامة عن الأساليب والعناصر المختلفة لعملية تحليل احتياجات التدريب الناجحة.
يوفِّر تحليل احتياجات التدريب تقييماً شاملاً للشركة وأهدافها، وذلك قبل تحديد أنواع التدريب المتنوعة اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، فمثلاً قد تحتاج الشركة إلى تدريب أكثر فاعلية أو تدريب عند الطلب يُقدَّم عبر الهواتف المحمولة بناءً على هذا التقييم.
يُعدُّ إجراء تحليل احتياجات التدريب قبل إنشاء البرنامج خطوة هامة لتطوير مواد فعَّالة والاستفادة من الوقت المستغرََق في إنتاج الدورة.
غالباً ما يُستخدم مصطلحَا تحليل احتياجات التدريب وتقييم احتياجات التدريب كلٌّ منهما مكان الآخر عند تحديد متطلَّبات التدريب في المنظمة، وعلى الرغم من وجود نقاط تشابه بينهما، إلَّا أنَّ ثمَّة اختلافات دقيقة بين المفهومين.
يتَّخذ تحليل احتياجات التدريب إذاً منهجاً شمولياً يقيِّم متطلَّبات التدريب على مستوى الشركة، بينما يُعنى تقييم احتياجات التدريب بتحديد الاحتياجات الخاصة بكلِّ فرد في المنظمة.
كلتا العمليتين ضروريتان للتخطيط للتدريب وتنفيذه، فيُحدِّ التحليل الأهداف التنظيمية الشاملة، وبالتالي يختار الاستراتيجية اللازمة لتلبيتها، بينما يوفِّر تقييم احتياجات التدريب الأفكار المحدَّدة اللازمة لتصميم برامج التدريب بهدف تلبية الاحتياجات الفردية.
يضمن الجمع بين هذه الأساليب المؤسسات توفير استراتيجية تدريب شاملة تطوِّر الموظفين وتدعم النجاح في المنظمة.
يجب إجراء هذا التحليل قبل البدء بالتدريب؛ لأنَّه يحدِّد احتياجات الشركة بالضبط، والأدوات والموارد المطلوبة لتحقيق أهدافها.
هناك ثلاثة أنواع أساسية من التحليلات لاحتياجات التدريب:
من خلال فهم الأنواع الأساسية الثلاثة لتحليل احتياجات التدريب، يمكن تطوير برامج تدريب لمعالجة النقص في المهارات وتعزيز الأداء ودفع القوى العاملة باتِّجاه النجاح. نستعرض فيما يأتي كل نوع منها بمزيد من التفاصيل.
إنَّ تحليل معلومات الموظفين أمر بالغ الأهمية لا سيما إذا كانت الشركة تعيِّن موظفين تخرَّجوا حديثاً، وعلى الرغم من أنَّ حماسة الموظفين هامة، ولكن من الضروري معرفة ما إذا كانوا قادرين على العمل في مجال عمل محدَّد، فمثلاً يصبح تقييم قاعدة معرفة الموظفين ضرورة في مجالات العمل التي تتضمن قواعد محددة أو قضايا متعلقة بالامتثال أو إجراءات معقَّدة، وقد تقيِّّم منظمة رعاية صحية مثلاً معرفة الممرضات الجدد بقوانين وبروتوكولات مرتبطة بخصوصية المرضى.
يضمن هذا التحليل تزويد الموظفين بالمعلومات اللازمة والتأكد من فهمهم لأفضل الممارسات في مجال العمل، فمن خلال تحديد الفجوات المعرفية، يمكن للمؤسسات تطوير برامج تدريب لتعزيز خبرة الموظفين والالتزام بالقوانين.
في ظل تدفُّق الكوادر الشابة إلى سوق العمل، والقاعدة المعرفية الواسعة لكبار الموظفين، يُعدُّ تحليل المهارات أمراً بالغ الأهمية؛ فهذا النوع من التحليل يتطرَّق للمهارات العملية اللازمة في العمل، بالإضافة إلى المهارات الناعمة، مثل إدارة العلاقات مع العملاء والقدرة على العمل مع الآخرين، وقد يتناول هذا التحليل أحياناً تقنيات جديدة أو غير مألوفة، فمثلاً قد تجري شركة برمجيات تحليلاً قائماً على المهارات لتقييم كفاءة الموظفين في لغات البرمجة وإدارة المشروعات والتعاون الفعَّال مع فرق متعددة الوظائف.
كلما مكَّنت الموظفين وعزَّزت استقلاليتهم، ازدادت إنتاجيتهم واهتمامهم بالوظيفة والشركة، ويُعدُّ تقييم قدرات الموظفين على حل المشكلات وإدارة المخاطر وتحديد الأهداف التي تحقِّق النتائج المطلوبة، أمراً بالغ الأهمية لنمو المنظمة، ويُمكِّن تحليل القدرات الموظفين ليصبحوا أكثر استقلالية ويركِّزوا على العمل والإنتاجية، فمثلاً قد تُقيِّم منظمة قائمة على المبيعات قدرة فريق المبيعات على تحديد احتياجات العملاء والتفاوض على الصفقات وإتمامها بفاعلية.
يُحدِّد تحليل القدرات الجوانب التي تحتاج إلى تحسين وتصميم برامج التدريب لتعزيز قدرات الموظفين على حلِّ المشكلات واتخاذ القرارات، ممَّا يؤدي إلى نمو الشركة.
هناك مجموعة متنوعة من أساليب تحليل احتياجات التدريب، والتي تناسب كل منها شركات معيَّنة، فاختر الأسلوب الذي يلبِّي أهدافك مما يأتي:
من خلال إضافة هذه الأساليب إلى مجموعة أدوات تحليل احتياجات التدريب، يمكن فهم متطلبات التدريب في المؤسسة فهماً شاملاً، وتصميم برامج تدريب تتوافق مع احتياجات الشركة.
على الرغم من أنَّ التقرير الذاتي ليس وسيلة موثوقة، ولكن يمكن استخدامها لبدء تحليل احتياجات التدريب، وذلك لتقييم كفاءة الموظفين والجوانب التي يودون تلقِّي التدريب عليها.
تُعدُّ المراقبة المنتظمة طريقة فعَّالة لتحليل احتياجات التدريب حين يكون إجراؤها ممكناً، فيتطلَّب هذا الأسلوب المراقبة على فترات زمنية مختلفة بطريقة غير رسمية وغير مُعلَنة، وعلى الموظفين أن يعلموا أيضاً أنَّ هذه المراقبة ليست إجراءً عقابياً؛ بل الهدف منها هو معرفة احتياجات التدريب في الشركة.
يجب الاطلاع على آراء الموظفين في الشركة، وعلى الرغم من أنَّ إجراء مقابلات مع الجميع قد لا يكون ضرورياً، إلا أنَّ التحدث مباشرة مع المديرين والمشرفين وطلب آرائهم طريقة جيِّدة لبدء تحليل الاحتياجات.
قيِّم ما إذا كان العمل الذي يقدِّمه الموظفون يعكس المعرفة والمهارات والقدرات المناسبة المتوقَّعة في منصب معيَّن، أم أنَّ هناك جوانب يجب تحسينها.
تأكَّد من معلومات الموظفين بسرعة عبر إجراء تقييم قصير عبر الإنترنت يتضمن أسئلة اختيار من متعدد.
اجتمِعْ مع مجموعة صغيرة من الموظفين أو أصحاب المصلحة للمشاركة في مناقشات حول احتياجات التدريب، فيعزِّز هذا الأسلوب الحوار المفتوح ومشاركة الأفكار حول الجوانب المحدَّدة التي تتطلب تحسين.
يقسِّم تحليل المهام الوظيفية الأدوار الوظيفية إلى مهام محدَّدة ويُقيِّم المعرفة والمهارات والقدرات المطلوبة لإنجاز كل مهمَّة؛ إذ تحدِّد هذه الطريقة احتياجات التدريب المحدَّدة لوظائف مختلفة، وتضمن أن يناسب التدريب متطلبات الوظيفة.
يتيح استخدام تقييمات الأداء ومراجعات المديرين المباشرين ما يأتي:
يوفِّر طلب التغذية الراجعة من العملاء أفكاراً مفيدة حول نقاط قوة الموظفين والجوانب التي قد تتطلب التدريب، فتسلِّط هذه التغذية الراجعة الضوء على مهارات أو معلومات أو احتياجات تدريبية محدَّدة تتعلق بخدمة العملاء.
يتيح إجراء تقييمات ما قبل التدريب قبل إنشاء برنامج التدريب قياس مستويات المعرفة والمهارات الحالية للمشاركين؛ إذ تُخصِّص هذه الطريقة محتوى التدريب لتلبية الاحتياجات الفردية وتحسِّن فاعلية التدريب وتُجنِّب التكرار.
يكشف تحليل مقاييس الأداء، مثل الإنتاجية والجودة ورضى العملاء، عن الجوانب التي تتطلَّب تدريباً إضافياً أو تطوير للمهارات، فمن خلال تتبُّع مؤشرات الأداء الرئيسة، تحدِّد المؤسسات الأنماط والتوجهات والفجوات التي تتطلب المعالجة.
تتضمن المقارنة المرجعية (benchmarking) مقارنة ممارسات التدريب في المؤسسة مع ممارسات قادة مجال العمل أو الشركات ذات الأداء العالي، وتحدِّد هذه الطريقة الجوانب التي لا تتناولها مبادرات التدريب، وتقدِّم أفكاراً حول أفضل الممارسات وأساليب التدريب المبتكرة.
ابدأ بتقييم الأداء التجاري لأبرز المنافسين، مع التحقُّق من مستويات مبيعاتهم ونسبة رضى العملاء، ثمَّ استكشِفْ الاستراتيجيات التي يتَّبعونها لتحقيق هذه النتائج، فلا يستلزم هذا بالضرورة إعادة هيكلة نموذج عملك، ولكن يُطوِّر برامج تدريبية موجَّهة لتعزيز الكفاءات الوظيفية للموظفين، ممَّا يُحسِّن القدرة التنافسية للشركة.
تحدَّثنا في الجزء الأول من مقالتنا هذه عن تحليل احتياجات التدريب وأنواعه والأساليب المتَّبعة لإجرائه، وسنُكمل الحديث في الجزء الثاني والأخير منها عن 6 خطوات لإجراء تحليل احتياجات التدريب.