أصبح الاستثمار في برامج تدريب الموظفين بالغ الأهمية في العصر الحديث بسبب اشتداد المنافسة بين الشركات في السوق. ثمة عدد كبير من الطرائق والتقنيات المستخدمة في تدريب الموظفين، وبات من الصعب اختيار الإستراتيجية المناسبة لتحسين أداء فريق العمل.
تقتضي الخطوة الأولى تحديد الاحتياجات التدريبية، والمهارات التي تنقص الموظفين، وأهداف البرنامج لاختيار الطريقة المناسبة لإجرائه.
يعتمد اختيار الطريقة من ناحية أخرى على احتياجات الشركة، وينبغي أن تخصص ما يكفي من الوقت لتحديد الطريقة التي تضمن حصول الموظفين على التدريب الذي يحتاجون إليه للنجاح في تأدية المهام المطلوبة منهم في العمل.
ينجح التدريب عبر الإنترنت مع الأشخاص الذين يفضلون التعلم بمفردهم في الوقت والسرعة التي تناسبهم. يُعتبَر التدريب عبر الإنترنت حل ذكي طويل الأمد لتلقين مجموعة متنوعة من المواضيع لشريحة كبيرة من الموظفين، وهو يضمن حصول جميع أعضاء الفريق على نفس التدريب وتوحيد سوية الأداء. يمكن تخصيص تجربة التدريب عن طريق تزويد العاملين ببرامج مصممة خصيصاً لوظائفهم.
يمكن أن يحتاج التدريب الإلكتروني لميزانية أكبر من بقية الأنواع الأخرى. تختار بعض المؤسسات إعداد برامج التدريب بالاعتماد على الخبراء العاملين ضمنها، وهذا يتطلب تخصيص الوقت، والمال، والموارد اللازمة لإجراء عمليات البحث، والتصميم، والتجريب، والتعديل، والتحسين، وتطبيق البرنامج في نهاية المطاف.
يفضل البعض من ناحية أخرى شراء البرامج والمواد من الشركات المختصة في تصميم الدورات التدريبية. تقدم هذه الشركات "أنظمة إدارة تعلم" (LMS) تساعد في إجراء برامج التدريب ومتابعة تقدم الموظفين.
التدريب باستخدام مقاطع الفيديو متنوع ومطلوب من قبل شريحة واسعة من المتدربين، وهو يقدم تجربة تعلم غامر تزيد من اندماج المشاركين وتضمن نجاح البرنامج في تحقيق الأهداف المرجوة أكثر من مواد التدريب النصية. تنجح طريقة مقاطع الفيديو عندما تقدم المعلومات اللازمة بانتظام للموظفين.
تُعتبَر هذه الطريقة فعالة لتدريب الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، ومجتمعات التنوع العصبي لأنها تتيح للموظف إمكانية مشاهدة مقاطع الفيديو والتعلم في الوقت الذي يناسبه وهي تراعي اختلاف سرعة الاستيعاب من فرد إلى آخر. يساعد استخدام مقاطع الفيديو في تقديم تجربة تدريب متكاملة وموحدة على مستوى الشركة لأنها تعتمد على تزويد جميع أعضاء الفريق بنفس المحتوى والمواد.
ينبغي إجراء مراجعات وتحديثات دورية على مقاطع الفيديو عندما تتغير المعلومات وتظهر معطيات ودراسات جديدة. هذه العملية مكلفة سواء كان إعداد مقاطع الفيديو يجري ضمن المؤسسة أو عن طريق الشركات التي تقدم خدمات تدريبية.
يجب أن تختار شركة تدريب تلتزم بتحديث المحتوى بانتظام.
تقدم تدريبات الألعاب والمحاكاة مجموعة متنوعة من المواضيع العامة والمجردة للمتدربين عن طريق الأمثلة العملية. تنجح هذه الطريقة مع الأشخاص الذين يحتاجون للتطبيق والممارسة لإتقان المهارات وترسيخ المعلومات.
تصميم الألعاب وبرمجيات المحاكاة مكلف للغاية عندما تكون المواضيع متشعبة أو تتطلب إجراء تعديلات وتحسينات دورية. بالتالي، يُنصَح بتطبيق هذه الطريقة على أجزاء محددة من برامج التدريب الرئيسية. يجب أن يمتلك المتدرب مهارات تقنية ومعرفة في المادة، كما ينبغي تخصيص بعض الوقت لتأهيل الموظفين غير المعتادين على استخدام الألعاب من أجل ضمان نجاح التجربة.
يمكن إجراء هذا النوع من التدريب عبر الإنترنت أو على أرض الواقع، وهو مناسب للأشخاص الذين يفضلون التعلم في القاعات الدراسية ويحتاجون للتحفيز لتحسين أدائهم. يُعَد التدريب بقيادة مدرب حل مثالي للمتعلم المبتدئ الذي يفتقر للمهارات التقنية اللازمة، كما تساعد هذه الطريقة في تجنب القلق لأنها مألوفة بالنسبة لكافة شرائح الموظفين.
يتيح هذا النوع من التدريب إمكانية التوسع في شرح المواضيع وتلقين المواد الأساسية، والعامة، والمجردة. تساعد التمارين الجماعية في ترسيخ المعلومات المكتسبة، وتشجيع المشاركين على تبادل الأفكار، وهي تُعتبَر طريقة مثالية لشرح المفاهيم المعقدة والضمنية.
يستطيع المدرب الخبير أن يتحكم بطريقة التفاعل وأسلوب الشرح بحسب استجابة الموظفين، وبالرغم من محاسن هذه الطريقة إلا أنها تعتبر مكلفة، إذ يتطلب إعداد الدورات التدريبية توفر ميزانية، وإطار زمني معيَّن لتطبيق البرنامج.
تحتاج برامج التدريب التي تجري على أرض الواقع للمزيد من الوقت والمال بسبب تكاليف القاعات والمعدات ومواد التدريب المطبوعة.
يُستخدَم التدريب في مكان العمل لتطبيق المفاهيم والمعلومات النظرية المكتسبة، وهو يناسب المتدربين المبتدئين. يكتسب المتدربون خبرة عملية تحت إشراف مدرب أو موظف متمرس في مجال عمله، ويتدربون على استخدام الأدوات والمعدات التي يحتاجون إليها لتأدية المهام الوظيفية اليومية، وهو ما يساعدهم في تنمية إمكانياتهم وخبراتهم وتقليل اعتمادهم على حفظ إجراءات العمل.
تنجح برامج التدريب في مكان العمل عندما تكون رسمية وموثقة، وتضمن توحيد التوجيهات والمحتوى بين مختلف المدربين. تنجح برامج التدريب في تحقيق النتائج المطلوبة عندما تكون منظمة وممنهجة وتضم تمارين عملية مثل المحاكاة والتعلم القائم على السيناريو.
تنجح برامج الكوتشينغ مع الأفراد الذين يتجاوبون مع الدعم والتوجيه الخارجي. يمكن إجراء جلسات الكوتشينغ عن طريق المكالمات الهاتفية، والبريد الإلكتروني، وعبر الإنترنت أو على أرض الواقع. يعتمد نجاح الكوتشينغ على خبرات الكوتش ومهاراته في التواصل، وهو يساعد الموظفين في تنمية المهارات الضمنية بدون الاعتماد على المبادئ والقواعد النظرية. يحفز التفاعل بين الكوتش والموظف عمليات الإبداع والابتكار ويساعد في إضفاء المصداقية والسلطة على الأفكار لأنه يربط المعلومات بحالات ومواقف معيَّنة.
لا تصلح ممارسات الكوتشينغ عند التوسع في المواضيع ولا يمكن تطبيقها على مجموعة كبيرة من الأفراد، وهي تتطلب وقت كبير وهذا يفسر تكلفتها المرتفعة. يعتمد نجاح التجربة في نقل المعلومات للموظفين بشكل كامل على مهارات الكوتش الذي يجب أن يمتلك مهارات تقنية وشخصية واجتماعية بارزة.
التعلم الذاتي مناسب للمتدرب المتقدم الذي يعتمد على نفسه في دراسة مصادر ومواد التدريب. يبادر المتدرب في هذه الحالة من تلقاء نفسه وهو لا يحتاج لمصادر التحفيز الخارجي. تُستخدَم هذه الطريقة لإجراء برامج التدريب الإضافية، وتقديم الدعم الذي يحتاج إليه الموظف لتحسين أدائه قبل التدريب الأساسي، وأثناء تطبيقه، وبعد انتهائه. يتم تزويد الموظفين بالمصادر والمواد التعليمية الإضافية بعد انتهاء التدريب الأساسي لمساعدتهم في تحقيق أقصى فائدة ممكنة منه وتحسين أدائهم.
لا يناسب التعلم الذاتي المتدربين الاتكاليين، والمبتدئين الذين لا يتقنون أساسيات الموضوع، ويفتقرون للانضباط الذاتي المطلوب. يجب تأمين مصادر التعلم، وتحليلها، واختبارها قبل الاستخدام للتحقق من فعاليتها في تحقيق النتائج المطلوبة. يمكن توفير المواد بصيغة إلكترونية أو مطبوعة ورقياً.
يهدف التعلم الاجتماعي إلى تنمية مهارات الموظفين وعرض أمثلة عملية توضح تطبيقات الأفكار المجردة، وهو يساعد في اكتساب المهارات الضمنية دون الحاجة للالتزام بقواعد أو منهجية عمل معيَّنة. التعلم الاجتماعي هو الحل الأمثل عندما تفتقر الشركة للوقت والميزانية اللازمة. تظهر نتائج التعلم الاجتماعي على الأمد الطويل وهو يُعتبَر بمثابة أداة إضافية ورديفة لبرامج التدريب الأساسية.
يشترط نجاح التعلم الاجتماعي توظيف الخبرات المطلوبة وتطبيق التجربة على أفراد مستعدين للمشاركة الفاعلة فيها. تتطلب عمليات الانضمام للمجموعات، وتحديد الخبراء، وبناء الثقة، وإجراء المحادثات بعض الوقت، وقد يحتاج المدرب لاستخدام تقنيات معيَّنة لتشجيع المشاركين على التعاون والتفاعل بأريحية وبشكل طبيعي وعفوي. لا تصلح هذه الطريقة لجميع الموظفين، وهي تتطلب الإلمام بالمبادئ الأساسية للتواصل الفعال والمثمر، وتحتاج للتحلي بالانضباط الذاتي اللازم لتوجيه المحادثات، والاستعداد لطرح الأسئلة، والنقاش وعدم قبول المعلومات الجديدة دون تفكير.
في الختام
يمكن أن تواجه بعض الصعوبة في اختيار الطريقة المناسبة لتدريب الموظفين في الشركة، وينبغي أن تخصص لهذه العملية كفايتها من الوقت والجهد. يجب أن تدرس أهدافك، وجمهورك، وميزانيتك لكي تختار طريقة تدريب تساعد الموظفين في تنمية إمكانياتهم.