يتساءل المهنيون العازمون على نيل ترقية في المؤسسة التي يعملون لصالحها، أو الذين يتسلمون فجأة منصباً يصبح لهم فيه سلطة على الآخرين، عما إذا كان الالتحاق بدورة أو ورشة عمل عن التدريب على القيادة مفيداً لحياتهم المهنية؛ إذ يعود فعل ذلك بفوائد جمة بالطبع، ويقول "جوشوا مارجوليس" (Joshua Margolis) الأستاذ بكلية "هارفارد للأعمال" (Harvard Business School): "يُساء فهم القيادة أحياناً بوصفها سمة غامضة يتمتع بها بعض الأشخاص دوناً عن غيرهم".
على الرغم من أنَّ الكثيرين يدَّعون أنَّهم "قادة بالفطرة"، إلا أنَّه يجوز تعلُّم مهارات القيادة؛ إذ يصبح أي شخص قائداً فذاً يقود مشروعه أو منظمته إذا تمتَّع بما يكفي من الانضباط وفَهِمَ جوهر القيادة ومارسها، ولمساعدتك على تحديد ما إذا كان التدريب على القيادة يناسبك، إليك بعض الفوائد التي يعود بها على حياتك المهنية وقدرتك على النجاح في منصبك الحالي أو الذي تطمح لتسلُّمه.
لتعزيز مهاراتك القيادية، يجب عليك أولاً فهم قدراتك الحالية ونقاط قوَّتك، وكيف تعتمد عليها لتصبح قائداً أكثر فاعلية، كما يجب عليك أن تحدد نقاط ضعفك، وكيفية العمل على تحسينها لتُظهِر احترافية أعلى، فقد يساعدك الإلمام بالأمور هذه على تحديد أفضل الاستراتيجيات للتحسين، كما ستحدد أسلوبك الشخصي في القيادة، الذي تستطيع الاعتماد عليه طوال مسيرتك المهنية.
ليحقق القادة الفاعلية، يجب أن يفهموا كيفية رسم الخطوط العريضة للفريق، وإنشاء الفِرق، وتقديم الكوتشينغ للزملاء، وتقديم التغذية الراجعة، وبناء علاقات قوية وموثوقة مع مرؤوسيهم؛ إذ يجب أن يعرفوا كيفية التأثير في الآخرين، وتمكين الموظفين، والتعامل مع المواقف العصيبة، وتحديد متى يجب عليهم تفويض المهام ومتى يجب أن يعملوا على مشروع بمفردهم.
يقول "جوشوا": "تتمحور القيادة حول إبراز أفضل ما في الآخرين لإنجاز العمل"؛ إذ يتطلب إتقان المهارات هذه خبرة عملية، الأمر الذي يحققه إكمال التدريب على القيادة من خلال تعلُّم المهارات وفهمها، ثم تطبيقها في بيئة تعاونية.
إحدى أفضل الفوائد المرتبطة بالتدريب على القيادة هي التعرف إلى الآخرين من القادة، سواء أكانوا من أعضاء هيئة التدريس أم الأقران، الذين تستطيع التعلم منهم والنمو؛ إذ تقدِّم المناقشات والمناظرات وحتى مجرد تبادل الأفكار مع الآخرين آراء وتغذية راجعة يصعب الحصول عليها عند محاولة تطوير المهارات هذه بنفسك.
قد تعتقد أنَّه يجب عليك أن تشغل منصباً قيادياً للاستفادة من التدريب على القيادة، لكن يلتمس الأفراد الذين يعملون في مناصب مختلفة أو وصلوا إلى مراحل مختلفة في حياتهم المهنية، قيمةً من مثل هذه الدورة، وإليك فيما يأتي أربعة أمثلة عن نوع المهنيين الذين يلتمسون أكثر فوائد التدريب أهمية:
يفيد إكمال التدريب على القيادة المهنيين في بداية أو منتصف حياتهم المهنية، الذين يعملون بمفردهم أو في الأقسام أو المؤسسات التي يعملون فيها، لا سيما مَن لديه الرغبة منهم في تولِّي منصباً إدارياً أو قيادياً، ولكنَّه لا يعرف كيفية الوصول إلى ذلك، فمن خلال أخذ دورة في القيادة والمبادرة لتطوير مهاراتك القيادية، ستجهز نفسك لاستثمار أيَّة فرصة للتغيير، كما قد يفيد التدريب على القيادة الأفراد الذين لا يرغبون بالضرورة في العمل في منصب قيادي، ولكنَّهم يتولون أحياناً مهام ومسؤوليات إدارية، مثل إدارة المشاريع.
تتبع معظم المنظمات العريقة تسلسلاً هرمياً صارماً في تحديد من يجب تعيينه أو ترقيته إلى منصب قيادي؛ إذ يجب على المتقدمين سواء أكانوا من داخل الشركة أم خارجها، أن يتمتعوا بمستوى معين من التعليم والخبرة كي يُنظَر في مدى ملاءمتهم للمنصب.
في المؤسسات الصغيرة أو التي تتكيف بسرعة مع التغييرات، قد لا يكون التسلسل الهرمي هذا متاحاً رسمياً، الأمر الذي يمكِّن الفرد من تولِّي منصباً قيادياُ حتى لو لم تكن لديه خبرة فيه، فإكمال التدريب على القيادة وسيلة فعالة للتكيف مع منصب قيادي توليته حديثاً فجأةً أو بصورة غير متوقَّعة.
يبدأ بعض أرباب المشاريع الصغيرة مشوارهم المهني بالعمل لحسابهم الخاص، فهم لا يمتلكون أي موظفين أو فِرق لإدارتها؛ بل هم مسؤولون فقط عن إدارة أنفسهم، لكن ما إن تُعيِّن أول موظف، سيتغير نشاط عملك بالكامل؛ لأنَّك لم تعُد مسؤولاً عن نفسك فقط؛ ولهذا السبب يزعم الناس أنَّ النجاح في ريادة الأعمال المنفردة لا يعني بالضرورة تحقيق النجاح في ريادة الأعمال التي تدير فيها فِرقاً وموظفين.
إذا كان هدفك الوظيفي هو أن تكون رائد أعمال ناجحاً، فتطوير مهاراتك القيادية يُعَدُّ أمراً في غاية الأهمية لتحقيق ذلك، وقد يساعدك على اكتساب المهارات اللازمة لبناء وإدارة فِرق عالية الأداء.
على الرغم من أنَّ بعض الشركات والمؤسسات التي لديها مناصب قيادية شاغرة تبحث عن مرشَّحين للوظائف من خارج الشركة، إلا أنَّه توجد فوائد في ترقية موظَّفي الشركة، فمن ناحية، غالباً ما تكون تكاليف التوظيف من الداخل أرخص؛ لأنَّك تُوفِّر على نفسك نفقات توظيف ومقابلة وتقييم المتقدمين، ومن ناحية أخرى لا يتطلب التوظيف الداخلي إعداد الموظفين لفترة طويلة؛ لأنَّ الموظف غالباً ما يعرف كيفية سير العمل في الشركة.
لتحقيق فوائد الترقية من داخل الشركة، يجب على الشركات توفير مسار لموظفيها لتطوير المهارات اللازمة للنجاح؛ إذ يُعَدُّ الاستثمار في مبادرات التطوير المهني، مثل التدريب على القيادة، طريقة فعالة للقيام بذلك، كما قد يعزز ذلك معدل الاحتفاظ بالموظفين، فنحو 94% من الموظفين يقولون إنَّهم سيعملون لصالح الشركة لفترة أطول إذا استثمرت في مساعدتهم على التعلم والنمو مهنياً.
ما دمتَ تتعامل مع الدورة بعقل منفتح وترغب في التعلم، قد يكون التدريب على القيادة وسيلة فعالة للغاية لتعلُّم مهارات جديدة، وتطوير معلوماتك الحالية، ووضع حجر الأساس لتطوير مهنة ناجحة، فليس أمامك من صعوبة سوى اتخاذ الخطوة الأولى؛ إذ يقول "إيثان بيرنشتاين" (Ethan Bernstein) الأستاذ بكلية "هارفارد للأعمال" (Harvard Business School): "نتائج الأبحاث واضحة: القيادة مهارة مكتسبة وليست فطرية، وعدد الأشخاص الذين يكتسبون وحدهم هذه المهارة يزداد كل يوم".