تدرِّب عديدٌ من الشركات موظفيها لتعزيز إنتاجيتهم وأدائهم في العمل. لكن لتعرف مدى نجاح الدورة التدريبية والتعديلات اللازمة لتحسينها، عليك تقييم برامج التدريب.
ترشدك هذه المقالة إلى فهم عملية تقييم التدريب ودورها الحاسم وفوائدها، وتسلّط الضوء على أفضل نماذج والأدوات المستخدمة في تقييم فاعلية برامج التدريب.
هو التحليل المنتظم لمدى كفاءة وفعالية برامج التدريب، ويشتمل على جمع التغذية الراجعة من المشاركين، وتقييم التحسن في الأداء بعد التدريب، والمواءمة مع الأهداف الإستراتيجية للشركة، وغير ذلك الكثير.
يتيح تقييم التدريب للشركات معرفة ما إذا كان الوقت والمال المستثمران في التدريب قد أسهما في تعلُّم الموظفين ونموهم، ويبين المحاسن والمثالب ليصار إلى تحسين التدريب في المستقبل. أخيراً، يكشف عما إذا كان التدريب قد ساعد الموظفين على أداء وظائفهم على وجه أفضل، وهو الهدف الرئيس.
يتطلب تقييم فعالية التدريب بلا شك موارد إضافية، ولكن فوائده تستحق مواجهة التحديات. باختصار، يساعد تقييم التدريب الشركات على:
ينطوي تقييم التدريب على تقييم جودة عمل الموظفين، مما قد يكشف عن بعض الثغرات في برامج التدريب.
على سبيل المثال، إذا كشفت نتائج الاختبار عن إخفاق عدد كبير من الموظفين في الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بأمن البيانات، فهذا يدل على أنّ التدريب لم يتوسع في هذا الموضوع بما فيه الكفاية. من ثم عليك إدراج وحدة إضافية حول أمن البيانات في البرنامج التدريبي.
عندما تقارن الشركة تكلفة التدريب بنتائجه، تكتشف مقدار الربح من دوراتها. يساعد ذلك في تمييز البرامج التدريبية القيِّمة من البرامج غير القيِّمة، مما يوفر المال والوقت.
يصعُب على الشركة قياس جودة محتوى التعلم وفعالية أدوات التدريب دون تقييم التدريب. إذا انسحب المتدربون بعد عرض بضع شرائح فقط، فهذا يدل على أنّ مقدمتك لم تأسر انتباههم.
وفكر في إنشاء مقطع فيديو تحفيزي لإثارة اهتمامهم وبيان سبب أهمية الدورة التدريبية. بالنظر إلى نتائج التقييم، يمكنك رؤية نقاط الضعف والقوة، ثم تعديل برامجك التدريبية لتحسينها.
لتقييم برامج التدريب تقييماً منهجياً، عليك استخدام نماذج تقييم تدريب محددة، وهي متوافرة بكثرة، ولكل واحد منها منهج فريد في تقييم التدريب. إليك أشيع 5 نماذج لتقييم برامج التدريب:
أحد أقدم النماذج وأشهرها بلا شك هو نموذج كيركباتريك؛ فهو لا يزال مستخدماً على نطاق واسع منذ إطلاقة قبل 60 عاماً.
يقترح هذا النموذج تقييم برامج التدريب من خلال أربعة مستويات: رد الفعل، والتعلم، والتأثير في السلوك، والنتائج. لنشرح الآن كل مستوى.
قيِّم ردود أفعال المتدربين بعد انتهاء الدورة التدريبية، واطلب منهم ملء استبيان، واطرح عليهم أسئلة، مثل:
قِس مقدار التعلم في الدورة. على سبيل المثال، أجرِ اختبارات على الإنترنت لقياس المعرفة والمهارات التي اكتسبها المتعلمون أو فاتتهم في أثناء التدريب. للحصول على معلومات أدق، تختار بعض الشركات إجراء اختبارات قبل التدريب، وهذا يتيح لها معرفة مستوى المتعلمين قبل التدريب وبعده.
راقب أية تغييرات في سلوك الموظف بعد التدريب باستخدام تقنية التغذية الراجعة الشاملة، وذلك بجمع التقييمات من زملاء الموظف والمشرفين والمرؤوسين قبل الدورة وبعدها. تكشف هذه المقارنة عن تأثير التدريب في السلوك.
يمثل هذا المستوى عماد تقييم التدريب؛ لأنّ تحقيق نتائج أفضل هو الهدف الأساسي للتدريب في الشركات. قيِّم تأثير الدورة التدريبية في الجودة والكفاءة والإنتاجية ورضا العملاء.
على الرغم من أنّ نموذج كيركباتريك فعال للغاية، فإنّه لا يخلو من العيوب، ومنها:
لقد أدرك كيركباتريك نفسه هذه المشكلات واقترح طريقة أفضل لاستخدام النموذج ألا وهي البدء عكسياً من النهاية. عندما تبدأ من النتائج المرغوبة وتعمل عكسياً من خلال المستويات الأربعة في مرحلة التصميم، يتسنّى لك تصميم برنامجك التدريبي بطريقة تضمن تحقيق أهدافك المحددة.
يمكنك اعتبار نموذج فيليبس لقياس عائد الاستثمار ترقية لإطار عمل كيركباتريك، فهو يشبه مستويات نموذج كيركباتريك، مع إضافة هامّة في النهاية، هي العائد على الاستثمار (ROI).
وعلى عكس نموذج كيركباتريك، الذي يركز على العائد على التوقعات (ROE)، يتيح لك نموذج عائد الاستثمار معرفة ما إذا كان الاستثمار في البرنامج التدريبي قراراً صائباً.
اجمع بيانات عن الحالة قبل التدريب وفي أثناءه وبعده لتقييم تأثيره في أرباح شركتك وإنتاجيتها وأدائها. ثم قارن تكلفة التدريب بالفوائد التي يوفرها. إذا كانت الأرباح تفوق التكاليف، فأنت على المسار الصحيح، وإلا فعليك تحديد مستوى أو مستويات تقييم التدريب التي تحتاج إلى تحسين.
بناءً على نموذج كيركباتريك، قدم كوفمان إطاراً من خمسة مستويات؛ إذ قسَّم المستوى الأول إلى قسمين، وجمع المستويين الثاني والثالث لكيركباتريك في مستويات جزئية صغيرة، وأدخل مستوى خامس لتقييم النتائج لكل من العملاء والمجتمع.
إليك كيفية استخدام مستويات التقييم الخمسة لكوفمان:
تتبَّع الموارد كالوقت والمال اللذين بذلتهما في برنامجك التدريبي.
قس شعور المتدربين تجاه الدورة التدريبية.
لتقييم فوائد التدريب، انظر إن كان يلبّي أهداف كل واحد من المتدربين أو المجموعات الصغيرة، وذلك باكتشاف ما إذا كانوا قد اكتسبوا معرفة ومهارات جديدة.
قيِّم قدرة المتعلمين على تطبيق المعرفة والمهارات الجديدة في عملهم.
قس النتائج على مستوى الشركة بأكملها، مثل: التحسّن في أداء الموظفين، أو خفض التكاليف، أو زيادة الأرباح.
في المستوى الأخير، عليك تقييم تأثير الدورة التدريبية في العملاء أو المجتمع.
لا ينطبق إطار عمل كوفمان بالكامل على سيناريوهات العالم الحقيقي، إذ غالباً ما يكون قياس مدى تأثير تدريبك في المجتمع مكلفاً للغاية ومعقداً وغير عملي. مع ذلك، قدم كوفمان بعض المفاهيم القيِّمة، مثل تقسيم المستوى الأول إلى قسمين وتقييم المحتوى الذي تقدمه والموارد التي تستثمرها على نحوٍ منفصل. قد تكون بعض مستوياته بمنزلة تحسينات لنموذجك الأساسي.
يرمز سيرو إلى السياق والمدخلات ورد الفعل والمخرجات. صمِّم هذا النموذج لتقييم التدريب الإداري. لذا، إذا كنت ترغب في تقييم دورات الإدارة، فهو خيار مثالي.
قيِّم الوضع الحالي لشركتك، وحدد جميع العوامل التي قد تؤثر في نتائج التدريب ونقاط ضعف مؤسستك في الأداء. نتيجة لذلك، ستكون لديك قائمة بالاحتياجات التي ينبغي تنظيمها وفقاً للمستويات الثلاثة التالية:
في هذه المرحلة، هدفك هو تحديد التدخل التدريبي الأمثل. استكشف جميع الأساليب والتقنيات الممكنة للتدريب، وفكر في كيفية تصميم الدورة التدريبية وإدارتها وتقديمها للمتدربين، وقيِّم موارد شركتك لمعرفة أنسب طريقة لتحقيق أهدافك.
اجمع في هذه المرحلة التغذية الراجعة من المتدربين عن الدورة التدريبية، وركز على ثلاثة جوانب رئيسة:
لا يقتصر هدفك على معرفة ما إذا كان المتدربون قد أعجبوا بالدورة أم لا فحسب، بل عليك أيضاً معرفة التغييرات يقترحونها لبرنامج التدريب، وتسجيل توصياتهم لتطبيقها في الدورات المستقبلية.
في هذه المرحلة، حان الوقت لعرض نتائج التدريب من خلال أربعة مستويات قياس مختلفة:
حدد المستوى الذي يتوافق مع هدف التقييم والموارد المتوفرة لديك.
على عكس النماذج الأخرى، يأخذ نموذج قيمة التعلم لأندرسون منظوراً أوسع، مع التركيز على استراتيجية التعلم الشاملة للشركة بدلاً من التركيز على برنامج تدريبي محدد. يتكون النموذج من ثلاث مراحل تساعد على تحديد أنسب استراتيجية تعلم لاحتياجات مؤسستك.
حدد ما إذا كانت برامج التعلم الحالية متوافقة مع الأولويات الإستراتيجية لشركتك. على سبيل المثال إذا كان الهدف الاستراتيجي لشركتك هو تعزيز المبيعات وتعزيز مكانتها في السوق، فإنّ تدريب مندوبي المبيعات يتوافق مع استراتيجية شركتك.
قيِّم تأثير التعلم في النتائج الاستراتيجية، واستخدم مقاييس مختلفة لتقييم مدى تأثير التدريب في تحقيق الأهداف الأساسية.
حدد أنسب نهج لشركتك بالاعتماد على أهداف وقيم أصحاب المصلحة. قدم أندرسون أربع فئات يجب قياسها:
أدوات تقييم التدريب هي ما تستخدمه لتقييم برامج التدريب، وتنقسم عادةً إلى أربع فئات: الاستبيانات والمقابلات ومجموعات التركيز والمراقبة، إضافة إلى ميزة إضافية هي تقارير نظام إدارة التعلم (LMS). للحصول على تقييم أشمل وأدق، من الشائع استخدام أساليب تقييم التدريب هذه معاً. الآن، دعونا ننظر إلى كل واحد بمزيد من التفصيل.
هي أكثر طريقة مستخدمة لتقييم التدريب، وتتألف من مجموعة من الأسئلة المصممة لجمع معلومات قيمة من المشاركين. تعد هذه الأداة رائعة لتقييم ردود أفعال المتعلمين بعد البرنامج.
الهدف من المقابلات هو جمع الآراء والحقائق، وهي أعمق من الاستبيانات في استكشاف مواقف الموظفين، وسلوكاتهم، وعقلياتهم. لا تقتصر المقابلات على الاجتماعات التقليدية وجهاً لوجه، بل يمكن أيضاً إجراؤها عن طريق الهاتف أو الإنترنت.
تجمع هذه الطريقة بين إيجابيات الاستبيانات والمقابلات، مما يسمح لك بالوصول إلى جمهور واسع مع جمع رؤى عميقة أيضاً. إذا كنت تبحث عن بيانات نوعية للحصول على فهم شامل لوجهات نظر الموظفين ولكنك تفتقر إلى الموارد اللازمة لإجراء المقابلات الفردية، فقد تكون مجموعات التركيز هي الحل.
ما عليك سوى تجميع الأفراد بناءً على سمات محددة ذات صلة بجمهورك المستهدف، مثل مجال الوظيفة أو أخطاء الأداء الشائعة أو العمر. ثم أجرِ مناقشة جماعية لجمع ردود أفعالهم، وأفكارهم، وتغذيتهم الراجعة، وتوصياتهم.
ربما تكون المراقبة هي الطريقة الأكثر فعالية لمشاهدة التغيرات في السلوك والمواقف بعد التدريب، وهي مميزة؛ لأنّها لا تعتمد على ما يقوله الموظفون عن أنفسهم أو عن الآخرين. فمن خلال مراقبة الموظفين في العمل، يمكنك أن ترى مباشرة ما إذا كانوا يطبقون المهارات والمعارف جديدة. مع ذلك، لهذا النهج عيوبه.
نظام إدارة التعلم هو برنامج لتقديم البرامج عن طريق الإنترنت للمتعلمين. يوجد ضمن هذا النظام نظام آخر، وهو نظام التقارير الذي يجمع ويحلل البيانات من برامجك عن طريق الإنترنت. تمكِّنك هذه الوظيفة من تحديد نقاط الضعف في الدورات التدريبية. إذا صمَّمت برنامج تدريبي والتحق به موظفوك، ولاحظت عدم إحراز تقدم ملحوظ مع مرور الوقت، يمكنك حينئذ الرجوع إلى تقارير نظام إدارة التعلم.
إذا لاحظت أنّ معظم موظفيك قد تركوا الدورة التدريبية في مرحلة معينة، فعليك بتحليل الثغرات المحتملة، ومن ثم معالجتها. بمرور الوقت، ستحقق نتائج طيبة.
يمكن تقييم البرامج التدريبية إما في أثناء تصميمها أو بعد تقديمها. يُطلق على هاتين الطريقتين اسم التقييم التكويني والتلخيصي على التوالي. دعونا نتعمق أكثر في كل نوع.
يساعدك التقييم التكويني على تحديد المشكلات الموجودة في الدورة التدريبية وحلها قبل أن تصل إلى المتدربين. يمكنك إجراء اختبار قبول المستخدم للتأكد من أنّ منصة التعلم الإلكتروني تعمل جيداً، أو دعوة مجموعة تركيز أو خبير في المادة لمراجعة التدريب للكشف عن أي نقاط ضعف أو أخطاء محتملة.
يبدأ التقييم التلخيصي بعد انتهاء المتدربين من الدورة، ويتضمن أساليب مثل الاستطلاعات والمقابلات والاختبارات لجمع التغذية الراجعة من المتدربين التي تمكِّنك من تحسين البرنامج للمتدربين في المستقبل.
كلا النوعين من التقييم هامّ لتعزيز برامج التدريب. من الناحية المثالية، يجب على الشركة إجراء التقييم قبل التدريب وبعده. لكن قد لا تسمح الموارد دائماً بهذا النهج الشامل. مع ذلك، فإنّ اختيار نوع واحد من التقييم قد يؤدي إلى تحسين برنامج التدريب إلى حد بعيد.
هناك عديدٌ من أساليب وأدوات التقييم المتاحة لتقييم البرامج التدريبية، ولكل منها مزاياه وعيوبه. لكن هذا لا يعني أنّه عليك اختيار نهج واحد، بل يُستحسن استخدام مزيج من النماذج والأدوات المصمَّمة خصيصاً لأهداف وغايات شركتك المحددة.