هل تعرف شخصاً يبدو أنَّه قائد بالفطرة؟ ربما يكون أحد أفراد الأسرة، أو زميل دراسة سابق، أو زميل حالي، قد تكون محظوظاً إن كان هذا الشخص مديرك الآن.
عندما تفكر في قدرة هذا الشخص على إلهام الآخرين وتحفيزهم، تذكَّر مجموعة المهارات التي تمنحه هذه القدرة، فما يتبادر إلى الذهن هو: هل يمكن تعلُّم هذه المهارات؟
هل تساعد مؤسستك المديرين على تطوير المهارات القيادية التي يحتاجونها؟ أم أنَّك تركز فقط على إيجاد قادة بالفطرة من الخارج، وتخسر الإمكانات الموجودة في مؤسستك؟
إذا كانت مؤسستك تعمل بمعدل دوران مرتفع للموظفين أو بقوة عاملة غير مندمجة، فقد حان الوقت لإلقاء نظرة فاحصة على كيفية جعل المديرين قادة أقوياء؛ حيث إنَّ توفير التدريب على القيادة للمديرين له العديد من الفوائد لمؤسستك، وأحد أكبر الفوائد بناء ثقافة الثقة والاحترام عندما تستفيد من تنمية المواهب.
نحن جميعاً نعلم أنَّ تفاعل الموظفين هو عامل رئيس في تحسين أداء المؤسسة، ولكن ما سبب ذلك بالضبط؟
فيما يلي بعض الإحصاءات:
يحقق الموظفون المتفاعلون نتائج أعمال أفضل على كافة مستويات المؤسسة وجميع مجالاتها، ويبقون في وظائفهم لفترة أطول عندما يكونون راضين عن قادتهم.
وفقاً لمؤسسة بارنا (Barna): "إنَّ احتمال أن يقول الموظفون - الذين لا يحترمون قادتهم ويصنفون مشرفيهم على أنَّهم سيئين - إنَّهم يخططون للبحث عن وظيفة جديدة خلال العام المقبل أكبرُ بمرتين مقارنةً بأولئك الذين لديهم مشرفين جيدين".
ووجدت أيضاً أنَّ 33% من الأمريكيين يقولون إنَّ القيادة السيئة تُمثِّل الجزء الأكثر إرهاقاً في وظائفهم.
ما هي بعض علامات سوء القيادة؟ وفقاً لعالِمة النفس إيف آش (Eve Ash)، هذه جوانب هامة يجب الانتباه إليها؛ وذلك لأنَّها قد تقلل تقليلاً كبيراً من تفاعل الموظفين.
إذا كان لدى مديريك أي من هذه الصفات، فهذه فرص رائعة للتعامل مع كيفية تحسين مهاراتهم القيادية واكتساب المزيد من الثقة من موظفيهم.
تأتي أهمية هذه الاستطلاعات والإحصاءات من كونها تسلط الضوء على الترابط الكبير بين القيادة الفعَّالة وتفاعل الموظفين؛ فهي توضِّح أهمية وجود قادة مُدرَّبين تدريباً عالياً يعرفون كيف يكسبون احترام موظفيهم، ويعززون بيئة تزيد من تفاعلهم وولائهم.
إذاً، كيف نطوِّر هذا النوع من القادة في مؤسساتنا؟
العديد من المهارات الأساسية هامة للمديرين لتحفيز فرقهم وقيادتها بفاعلية، إلا أنَّها تستغرق وقتاً لتطويرها وإتقانها، لكن لا بأس بذلك؛ فهناك دائماً مجال للتحسن.
تشمل مهارات التواصل الفعال، والمحادثات الجريئة، والتواصل كتابياً بطريقة سهلة وواضحة، والذكاء العاطفي، والمتابعة، وتُمثِّل مهارات التواصل الخطوة الأولى نحو تطوير نظريات القيادة والإدارة ووضعها موضع التنفيذ.
هناك فرق بين معرفة كيفية القيام بشيء ما وتعليم شخص آخر كيفية القيام به؛ إذ يتطلب الكوتشينغ درجة أكبر من الإتقان، وتنجح الفِرق عندما يفهم قادتها كيفية تقديم تغذية راجعة عن كل من الجوانب التقنية والتحفيزية لعملهم.
يختلف التعاون الناجح عن المساهمات الفردية، ويتعين على القادة تقدير مساهمات جميع أعضاء الفريق وتشجيعهم على المشاركة.
يستمع المديرون والقادة الجيدون أكثر مما يتحدثون، ويُسهِّلون المحادثات حول الأفكار والاستراتيجيات بدلاً من إصدار الأوامر.
يُعدُّ تحديد الأهداف فناً دقيقاً؛ فالموازنة بين صعوبة الأهداف وإمكانية تحقيقها أمر صعب، لكنَّها طريقة ناجعة لتحفيز الفريق وكل فرد من أفراد الفريق.
بعد أن تتخذ الخطوات اللازمة لتحديد المهارات التي يحتاج المدير إلى تنميتها، اختر واحدة منها وركِّز عليها؛ فأنت بحاجة إلى ملء أهم الفجوات أولاً.
لا تربك المديرين بالإشارة إلى كل مجال يحتاجون فيه إلى التحسن؛ بل حدِّد المهارة التي سيكون لها أكبر تأثير في دورهم المحدد وابدأ بها، على سبيل المثال، يمكنك تعليم مدير متقدم تقنياً مهارات تفويض أفضل، أو مساعدة قائد واعد على تطوير مهارات تقديم العروض لتحسين التواصل.
عندما تختار مهارات القيادة أو الإدارة لكل فرد للتركيز عليها، يمكنك حينئذٍ وضعهم على طريق تحسين تلك المهارات ورؤية تفاعل أكبر من فرقهم.
يساعد توفير التدريب لمديرك على تحسين هذه المهارات الإدارية والقيادية الهامة، ويمنحهم أيضاً إطاراً لمعالجة خبراتهم العملية السابقة، مما يتيح لهم تطوير رؤى فاعلة وذات مغزى لإلهام أعضاء فريقهم في المستقبل.
على الرغم من عدم وجود بديل عن الخبرة، يحتاج القادة الجدد إلى أكثر من مجرد تدريب مُكثَّف عند تعلُّم مهارات جديدة؛ حيث يوفر لهم التدريب الرسمي المجال للحصول على التغذية الراجعة التي يحتاجون إليها للتحسن كمدير وقائد.
عندما يتعلق الأمر بمهارات القيادة، هناك العديد من الطرائق التي يمكن تعلُّمها؛ لذا فكِّر في المهارات التي يحتاج كل مدير إلى تطويرها، وكيف يمكنك استخدام كل من طرائق التدريب هذه والفرص لمساعدتهم على بناء الكفاءات.
درِّب مديريك على الأدوات التكنولوجية المحددة التي تستخدمها في مؤسستك، بما في ذلك منصات التواصل ومنصات إدارة المشاريع وأدوات إعداد التقارير وما إلى ذلك.
وفِّر للمديرين منتور ليُقدِّم لهم تغذية راجعة صادقة ونصائح إدارية وقيادية.
لا تؤجِّل التغذية الراجعة حتى يحين موعد مراجعات الأداء، نظِّم اجتماعات فردية بين الإدارة العليا والمديرين على فترات زمنية محددة؛ فتحديد أسبوع إلى أسبوعين مناسب لهذا النوع من الاجتماعات، واستغل هذا الوقت للتأكد من أنَّ المديرين متفقين معك، ولتقديم كوتشينغ إضافي أيضاً.
يُعدُّ هذا الوقت مناسباً لمراجعة أهداف مديريك طويلة الأمد؛ لذا تحدَّث عن الأمور التي تسير على ما يرام وعن الأمور التي تحتاج إلى المزيد من التدريب.
شجِّع القادة في مؤسستك على الاجتماع وتبادل النصائح والحِيَل الضرورية ضمن مستواهم، سواء كان ذلك في الخطوط الأمامية أم المستوى المتوسط أم القيادة العليا.
ضع خطة لكل مدير تسأل:
يشكل هذا النمط من التدريب روابط أفضل بين القادة وفِرقهم، وأقرانهم، ويطوِّر حياتهم المهنية والشخصية، والمؤسسة ككل.
إنَّ تطوير المهارات القيادية جهد مستمر على كافة مستويات الإدارة؛ فسواء كنت تعمل مع موظفين لديهم إمكانات عالية، أم مشرفين جدد، أم مديرين في منتصف حياتهم المهنية، أم قادة شغلوا هذا الدور الوظيفي لعقود؛ يتطلب مكان العمل دائم التغيير من القادة النظر باستمرار إلى كيفية بناء مهاراتهم لإلهام الموظفين وزيادة تفاعلهم.