يواجه المُتحدِّث عدداً من التحديات عند تقديم الدورات التدريبية التي تستمر لوقت طويل قد يصل إلى 8 ساعات، ويُذكَر من هذه التحديات ما يأتي:
يتسنى للمُتحدِّث أن يقدِّم معلومات قيِّمة لجمهوره عندما ينجح في التغلب على هذه التحديات؛ إذ يقدِّم المقال مجموعة من الخطوات لتصميم الدورات التدريبية وتقديمها بناءً على دراسة حالة الباحثة في تجربة المستخدم "ماريكا مكلوسكي" (Marieke McCloskey) في أثناء تقديمها لدورة تدريبية استمرت ليوم كامل في إحدى الفعاليات.
فيما يأتي 28 عنصراً هاماً لتقديم الدورات التدريبية:
أبدعت "ماريكا" بتقديم المحتوى وتفوقت على جميع المُتحدِّثين بشهادة معظم الحاضرين؛ وذلك لأنَّها أحاطت بالعناصر الأساسية لتقديم الدورات التدريبية التي يمكن تلخيصها على الشكل الآتي:
"ماريكا" ضليعة بموضوع التدريب، وقد كانت خبرتها وسعة اطلاعها جلية وواضحة طوال فترة البرنامج.
تتميز "ماريكا" بقدرة بارزة على نقل الأفكار والمعلومات بطريقة حيوية ومعبِّرة عن طريق تغيير نبرة صوتها وسرعة الكلام، والإكثار من الابتسام والضحك.
استخدمت "ماريكا" مجموعة متنوعة من تقنيات التقديم مثل المحاضرات، وسرد التجارب الشخصية، والمؤثرات البصرية، ودراسات الحالة، والنقاشات الجماعية، والتمرينات والتدريبات، إلى جانب تحفيز مشاركة الحاضرين طوال فترة البرنامج.
لم تكن المؤثرات البصرية التي استخدمتها "ماريكا" ممتازة، ولكنَّها ساهمت في نقل الأفكار وتقديم مزيد من الشروحات والتوضيحات لجمهور الحاضرين.
حضرت "ماريكا" لقاعة التدريب قبل الموعد المحدد بنصف ساعة وقامت بعرض شريحة تتضمن التفاصيل الضرورية، مثل شرح آلية الاتصال بشبكة الواي فاي الخاصة بالمؤسسة، وقد جاء هذا الشرح استجابةً للأسئلة المتكررة التي يطرحها المتدربون بالعادة.
يبين هذا التصرف البسيط أنَّك مهتم بمعرفة احتياجات الجمهور وتبذل ما بوسعك لتلبيتها، وقد ألقت "ماريكا" التحية على المشاركين عند دخولهم إلى القاعة، وهو ما ساعدها على إنشاء انطباع إيجابي قبل بدء التدريب.
لقد كان أسلوب "ماريكا" لطيفاً ومحبَّباً منذ البداية عندما قدَّمت نفسها ووضحت للجمهور كيف يُلفَظ اسمها، فإنَّ توضيح لفظ اسم المُتحدِّث ضروري لأنَّه يساعد على تكوين ارتباط شخصي مع الجمهور والتقرب من الحاضرين، فضلاً عن دوره في تشجيع المتدربين على طرح الأسئلة، وهو ما يزيد من مستوى التفاعل والمشاركة خلال الدورة التدريبية.
قدَّمت "ماريكا" في المرحلة الثانية إعلاناً ترويجياً مختصراً ورتيباً عن خدمات شركتها التي تستضيف المؤتمر؛ لذا يُفضَّل تأجيل الإعلان الترويجي إلى وقت لاحق بعد التقرب من الجمهور وبناء مستوى جيد من الثقة معه.
عرضت "ماريكا" بعد ذلك صورة "لمطار دنفر" (Denver Airport)، وراحت تسرد تجربة شخصية حدثت معها في وقت التقاط الصورة، فكانت هذه الافتتاحية آسرة أكثر من الإعلان الترويجي للشركة؛ وذلك للأسباب الآتية:
يتيح برنامج الدورة التدريبية للجمهور إمكانية تكوين فكرة عن المحتوى والاستعداد لمتابعة العرض التقديمي واستيعاب الأفكار، وهذه الخطوة ضرورية جداً في حالة الدورات التدريبية الطويلة، فقد شاركت "ماريكا" البرنامج في الوقت المناسب بعد أن عرَّفت عن نفسها، وتحدثت عن ترتيبات الدورة التدريبية، وسردت التجربة الشخصية.
لا بأس بأن تخاطب جمهورك وأنت تعتلي المنصة بين الحين والآخر، لكن إياك أن تمضي كامل فترة البرنامج على المنصة حتى لا تصبح الجلسة مملة ويصعب عليك أن تتقرب من جمهورك.
كانت "ماريكا" تتنقل بشكل طبيعي وعفوي على جانبي شاشة العرض، وتحرص على التواصل البصري مع جميع الموجودين في القاعة، وتوزيع نظرها على كافة المشاركين؛ إذ يركز بعض المدربين والمحاضرين على جانب واحد من القاعة، وهي طريقة خاطئة، ولهذا السبب يُنصَح بتغيير المكان وتوزيع الانتباه على جميع الحاضرين بالتساوي خلال الجلسة.
تتفاعل "ماريكا" مع شرائح العرض التقديمي وتشرح الصور والرسوم البيانية وهي تلمسها بكلتا يديها مثلما يفعل المُتحدِّث الشهير "هانس روسلينج" (Hans Rosling) عندما يشارك في مؤتمرات "تيد" (TED).
كثيراً ما يتعرض المُتحدِّث لمختلف أنواع مصادر التشتيت خلال الجلسات، مثل رنين هواتف الحضور بصوت عالٍ على سبيل المثال، فالمُتحدِّث المحترف يتابع الشرح ولا يعبأ بمصادر التشتيت مهما كانت شدتها.
تتقن "ماريكا" استخدام حركات الجسد وتعابير الوجه لتوضيح أفكارها بطريقة عفوية وطبيعية، ولكنَّها تميل لوضع يديها في جيبيها، وهذه ليست مشكلة كبيرة، لكن يُستحسَن أن تبقى اليدان حرتين حتى يكون المُتحدِّث مستعداً للإيماء طوال الوقت.
يصعب على المُتحدِّث أن يحافظ على نشاطه في برامج التدريب التي تستمر لساعات طويلة، فقد يتعب الجمهور مع مرور الوقت، وهنا يبرز دور المُتحدِّث في تنشيطهم ومساعدتهم على استعادة حماستهم.
نجحت "ماريكا" في التعامل مع هذه المشكلة، لكن بدت عليها علامات الإرهاق، لا سيما أنَّها لازمت المنصة لمعظم الوقت في الساعتين الأخيرتين، كما أنَّها استخدمت مؤشر الليزر بدل أن تتفاعل بيديها بشكل مباشر مع شرائح العرض التقديمي في نهاية الوقت.
فيما يأتي 5 خطوات للحفاظ على النشاط والحيوية طوال اليوم:
أجابت "ماريكا" عن عدد كبير من الأسئلة بإيجاز، واعترفت بجهلها لبعض الأجوبة، وتعهدت بنقل الاستفسار إلى أحد زملائها المختصين، وينم هذا التصرف عن اهتمامها ومصداقيتها، والتزامها بالحصول على جواب دقيق وإرساله للشخص الذي طرحه بعد أن تسجل اسمه وعنوان بريده الإلكتروني.
كانت "ماريكا" تشير إلى أفراد محددين من الجمهور في أثناء التذكير بالنقاط والأفكار السابقة، ولا شك أنَّها لم تتعمد استخدام إيماءات مسيئة أو عدائية، لكن قد يفسر الجمهور هذه الإشارات بطريقة سلبية؛ لذا يُستحسَن أن يشير المُتحدِّث بكامل يده إذا اضطر الأمر ولا يوجه أصابعه إلى فرد محدد من الجمهور.
كثيراً ما تكون الدورة التدريبية بحد ذاتها هي الحدث، ولكنَّها قد تكون جزءاً من حدث أو فعالية ضخمة، كما هو الحال مع "ماريكا"، فقد كانت "ماريكا" تذكِّر باستمرار بالدورات التدريبية التي ستعقد في وقت لاحق من الأسبوع.
هذا التذكير ضروري للتأكيد على تكامل الحدث وترابط فعالياته وبرامجه التدريبية، فلم توضح "ماريكا" للجمهور مواعيد الدورات التدريبية اللاحقة، وهي مشكلة يجب تجنبها، وفيما يأتي 3 حلول للتغلب على هذه المشكلة:
جرت نقاشات عدة، بعضها موجَّه من قِبل المُتحدِّث، وأخرى عفوية وعشوائية طرأت خلال الجلسة، وهذه النقاشات مفيدة جداً، لا سيما أنَّ "ماريكا" تتقن إدارة الحوارات والنقاشات الجماعية، وتكمن المشكلة في أنَّ الأشخاص الذين يطرحون الأسئلة يسيطرون على هذه النقاشات.
تجاوبت "ماريكا" مع أسئلة الحاضرين واستفاضت بالنقاش مع شخص أو اثنين ممن طرحوا الأسئلة، وهذا ما أصاب بقية الحضور بالملل والضيق ودفعهم إلى استخدام هواتفهم المحمولة ريثما تنتهي هذه النقاشات، كما اضطرت "ماريكا" إلى الاستعجال في نهاية الوقت المخصص للبرنامج التدريبي ولم تعطِ بعض المواد حقها بسبب الوقت الذي أهدرته على النقاشات الفردية.
يُفضَّل أن يقوم المُتحدِّث بإنهاء النقاش عندما يتجاوز الوقت المسموح، ويقترح على الحاضرين تجميع أسئلتهم لمناقشتها خلال فترات الاستراحة أو في نهاية البرنامج.
بدلاً من استخدام عنوان موضوع مثل "استدامة إرشادات الاستخدام"، يجب استخدام عنوان توكيدي مثل "إرشادات الاستخدام المستدامة"؛ إذ يتسنى للحاضرين بهذه الطريقة أن يفهموا المعنى ويكوِّنوا فكرة عن موضوع الشريحة بكل سهولة خلال الجلسة وعند مراجعة العرض التقديمي بمفردهم لاحقاً، وقد استخدمت "ماريكا" هذه العناوين في نحو 25-30% من الشرائح، وهذا جيد، لكن يُستحسَن أن تضيف أكثر.
كانت أرقام الصفحات وشعار الشركة صغيرة للغاية وبالكاد مرئية في الزاوية السفلية اليمنى، وتم استخدام نفس حجم الخط في كتابة مراجع الصور ومصادر البحث، وهذه التفاصيل هامة؛ وذلك لأنَّ الشعارات الكبيرة والبارزة تعطي انطباعاً سلبياً عن الشركة عند تكرارها في كل شريحة.
تضمنت بعض الشرائح التي عرضتها "ماريكا" صوراً مُلتقَطة من شاشة الحاسوب، وكانت هذه الصور ضرورية لشرح موضوع الدورة التدريبية، وتكمن إحدى مشكلات لقطات الشاشة في صعوبة قراءة النصوص الموجودة ضمنها بسبب صغر حجمها.
نجحت "ماريكا" في التغلب على هذه المشكلة عن طريق اقتطاع أجزاء من لقطات الشاشة وتكبيرها لتوضيح أفكار معيَّنة، وينم هذا التصرف عن اهتمام المُتحدِّث باحتياجات الجمهور ومراعاته لاختلاف القدرات البصرية من شخص لآخر.
من الطبيعي أن يفقد الحاضرون تركيزهم ويعجزوا عن متابعة مجرى العرض وتذكُّر المراحل السابقة عندما تستمر الدورة التدريبية لساعات مطوَّلة، وهنا يكمن دور المُتحدِّث في تذكيريهم بمراحل العرض التقديمي عند الإمكان.
كان الجزء الأكبر من العرض التقديمي مخصصاً لشرح عملية مؤلفة من 4 مراحل (المفهوم، والتصميم، والتطبيق، والإطلاق)، وقد عرضت "ماريكا" مراحل العملية ضمن مخطط بياني، وقامت بإضافة هذا المخطط إلى الشرائح اللاحقة عند الانتقال لشرح كل مرحلة بالتفصيل.
قدَّمت "ماريكا" 145 شريحة، وقد كانت بعض هذه الشرائح مليئة بالنصوص والتعدادات الرتيبة، لكن تضمَّن الجزء الأكبر من الشرائح عناصر بصرية مفيدة، وهو ما جعل العرض التقديمي مميزاً وقيِّماً.
تم توزيع العرض التقديمي إلكترونياً على شرائح ذاكرة عند مكتب التسجيل، وهذه الطريقة أفضل من طباعة الشرائح ورقياً، وذلك بِعَدِّ أنَّ معظم المشاركين يحضرون حواسيبهم المحمولة معهم، وبإمكانهم متابعة العرض مع المُتحدِّث إذا أرادوا.
للأسف، يكثر المُتحدِّثون والمدربون من الإعلانات في عروضهم التقديمية، وهذا ينطبق على الدورات المدفوعة أيضاً، ولحسن الحظ، لم تتبع "ماريكا" هذا النهج على الإطلاق، وقد عمدت إلى ذكر كتب عدة من تأليف زملائها بطريقة ذكية دون أن تروج لها.
هذه الطريقة مقبولة ما دامت الكتب متعلقة بمحتوى العرض التقديمي كما في حالة "ماريكا"، وذكرت "ماريكا" من ناحية أخرى كتباً لمؤلفين لا تعرفهم شخصياً، وهو ما أثبت نزاهتها وموضوعيتها والتزامها بتقديم الفائدة للجمهور.
يخصص المُتحدِّث البارع بعض الوقت لشرح المفردات والمصطلحات الغريبة قبل بدء جلسة التدريب، وقد شرحت "ماريكا" المصطلحات التي تحمل أكثر من معنى تجنباً للغط أو الالتباس، وثمة طريقة أخرى تقتضي تقديم ملحق يحتوي على كافة المصطلحات الخاصة بالدورة التدريبية.
يفيد استخدام المقارنات في توضيح موضوع الدورة التدريبية عن طريق إسقاطه على مفهوم أو عملية مألوفة بالنسبة إلى معظم الأفراد، وقامت "ماريكا" على سبيل المثال بمقارنة تطوير البرمجيات مع بناء المنازل، وهو ما ساهم في تحفيز النقاشات.
أشارت "ماريكا" من ناحية أخرى إلى نقاط الضعف في هذه المقارنة؛ إذ تساعد المصداقية والنزاهة على كسب ثقة الجمهور، حتى لو اضطر الأمر إلى الإفصاح عن نقاط الضعف في الحجج المنطقية.
ذكرت "ماريكا" مجموعة من النقاط الهامة، ويُذكَر منها مناقشة أهمية البرمجيات الموجَّهة للمستخدِم على الشكل الآتي "أنت لست المستخدم المُستهدَف"، كما (تُذكِّر "ماريكا" الحاضرين بضرورة تصميم البرنامج على أساس احتياجات المستخدم وأهدافه، وليس على أهواء المبرمج).
هذا التحذير موجَّه للمُتحدِّثين أيضاً، مع إجراء بعض التعديلات كما يأتي "أنت لست الجمهور"، بمعنى أنَّ المُتحدِّث يجب أن يخاطب الحاضرين بطريقة تساعدهم على الاستفادة من المحتوى الذي يقدِّمه.