لقد قدَّمنا في الجزء الأول من المقال مجموعة من النصائح الفعالة لتحسين جودة الدورات التدريبية، وأرفقنا النصائح بعدد من الأسئلة لمساعدة المدرِّب على تقييم أدائه وتحسينه، وسنناقش في هذا الجزء الثاني والأخير من المقال بقية النصائح، فتابعوا معنا في السطور القادمة.
لا يجب عليك أن تتطرق للموضوعات التي يطرحها الطلاب عندما لا تكون متعلقة بمحتوى التدريب مهما كانت ممتعة وشيِّقة؛ بل ينبغي تحديد الموضوعات الرئيسة قبل بدء الدورة التدريبية حتى تركز عليها وتشرحها بالكامل خلال البرنامج الزمني للتدريب.
فيما يأتي مقاربة تُستخدَم في غالب الأحيان في إدارة الوقت: على فرض وجود إناء يمثل الوقت الإجمالي المخصص للدورة التدريبية، وأنت تملؤه بالحجارة والرمال التي تعبِّر مجازاً عن محتوى التدريب.
تمثل الأحجار الكبيرة محاور التدريب الرئيسة التي لا يمكن اختصارها أو تجاهلها أو حذفها من المحتوى، ومن ثمَّ يجب عليك أن تبدأ بوضع هذه الأحجار الكبيرة في الإناء لكي تتأكد من وجود وقت كافٍ لتغطية محاور التدريب الرئيسة، فيمكنك أن تملأ الفراغ المتبقي بالرمال التي تعبِّر مجازاً عن الموضوعات الخارجة عن محتوى التدريب، والنقاشات العشوائية، والأفكار الثانوية.
إياك أن تقوم بإضافة كميات كبيرة من الرمال في البداية، حتى لا تستهلك الجزء الأكبر من الإناء الذي يعبِّر مجازاً عن الوقت ويتعذر عليك إضافة الأحجار الكبيرة التي تمثل محاور التدريب الأساسية.
تترسخ المعلومات في الدماغ مع التكرار؛ لهذا السبب، يُعَدُّ التكرار ضرورياً في عملية التعلم، فيجب عليك أن تعيد شرح المحاور الرئيسة 3 مرات خلال التدريب، بحيث تشرح الفكرة للطلاب، وتساعدهم على استيعابها، وتكررها مجدداً حتى يفهموها، وحاول أن تعيد شرح الفكرة بأسلوب مختلف كل مرة حتى لا يشعر الطلاب بالملل من جهة، ولكي تغطي مختلف أنماط التعلم من جهة أخرى.
يجب عليك أن تشجع الطلاب على التعلم من بعضهم دون أن تكون أنت المصدر الوحيد للمعلومات، ويتم ذلك عن طريق إعداد مجموعة من الأساليب والتقنيات التي تحفز الطلاب على المشاركة في عملية التعليم، ويمكن أن تشمل هذه التقنيات التمرينات، والنشاطات الجماعية، والنقاشات، والمحادثات، حتى تتعدد وتتنوع مصادر المعلومات ولا تقتصر على المدرِّب وحسب.
تساهم الأسئلة في الحفاظ على تفاعل واندماج المتدربين، وهي لا تهدف إلى الحصول على جواب وافٍ من الطلاب؛ وإنَّما تُستخدَم بغرض تحفيزهم على التفكير والحفاظ على تفاعلهم واندماجهم مع محتوى التدريب.
تساهم الأسئلة من ناحية أخرى في تعزيز تفاعل الطلاب وتبادل المعلومات والمعارف بحيث يصبح الجميع مشاركاً في العملية التعليمية، كما أنَّها تساعدك على الاطلاع على معارف الطلاب ومستوى مهاراتهم، وتحديد احتياجاتهم التدريبية، بحيث يصبح بإمكانك تقديم المواد التدريبية بالاعتماد على هذه الاحتياجات.
لا يجب أن تلتزم بالبرنامج التدريبي الذي صممته في البداية؛ وإنَّما يجي عليك أن تعدِّله بما يتناسب مع احتياجات الطلاب، وينبغي أن تكون مستعداً للتفاعل مع أجوبة الطلاب عن طريق تصويبها، أو إضافة مزيد من المعلومات والتوسع في الشروحات، وتأييد الأفكار، أو البحث في موضوع جانبي أبدى الطلاب اهتمامهم به، وكذلك يجب عليك أن تحفز الطلاب على التفكير، بدل أن تقدِّم لهم أفكاراً جاهزة.
حاول أن تجعل هذه النسبة (30-50)%.
يجب عليك أن تتوقف عن الشرح وتصغي إلى إجابات الطلاب عندما تطرح الأسئلة، وفيما يأتي 9 فوائد لطرح الأسئلة والإصغاء إلى الطلاب:
لا يمكنك تحديد هذه التفاصيل ما لم تتوقف عن الشرح وتبدأ بطرح الأسئلة والإصغاء إلى أجوبة الطلاب.
يجب عليك أن تعدَّ مجموعة من الأسئلة الإيحائية قبل بدء الدورة التدريبية، فقد يصعب على المدرِّب ارتجال الأسئلة ضمن الجلسات، لذلك يتعين عليك أن تحدد المسائل المعقدة وتجزِّئها إلى وحدات أصغر، ثم تنتقل إلى إعداد مجموعة من الأسئلة الإيحائية، لكي تقود المتدربين من موضوع إلى آخر بسلاسة وتتأكد من استيعابهم لكامل المفهوم، ويمكنك أن تستخدم نفس الأسلوب عندما تود تغيير وجهات نظرهم، وطريقة تفكيرهم بشأن موضوع معيَّن.
لا يجب أن تجري عملية التعلم بطريقة محددة وثابتة؛ وإنَّما يجب عليك أن تكون مرناً وتستجيب لاحتياجات المتدربين وتغير أسلوبك بناءً عليها؛ لهذا السبب، يجب أن تصغي إلى المتدربين باهتمام، وتنتبه لاستجاباتهم وطريقة تفاعلهم مع المحتوى بهدف تحديد احتياجاتهم وتعديل البرنامج التدريبي بما يتوافق معها.
يجب على المدرِّب أن يغيِّر أسلوبه عندما لا يستجيب الطلاب معه، فكما يقول عالم الفيزياء " ألبرت أينشتاين " (Albert Einstein): "الجنون هو أن تفعل ذات الشيء مرةً بعد أخرى وتتوقع نتيجةً مختلفةً".
على فرض أنَّك تعتزم شرح موضوع ثانوي بهدف إثراء معلومات الطلاب، فقد تلاحظ أنَّ بعض الطلاب على معرفة وافية بالموضوع، في حين يبدي آخرون عدم اهتمامهم به، لذلك يجب أن تتخذ قرارك بالانتقال إلى موضوع آخر بدل أن تهدر مزيداً من الوقت على الموضوع الحالي وتتسبب بنفور المتدربين وفقدانهم للحماسة، كما يمكنك أن تطلب من المتدربين تقديم تغذية راجعة في نهاية الدورة التدريبية لكي تكوِّن فكرة واضحة عن رأيهم بالتدريب.
لا تشعر بالإحباط عندما يعجز أحد الطلاب عن فهم المعلومة، فقد يشعر المدرِّب بالإحباط عندما يكرر المعلومة مرات عدة ويكتشف أنَّ بعض الطلاب لم يفهموها بعد كل هذا الجهد، وتكمن المشكلة في أنَّ شعورك بالإحباط سينعكس على محياك ولغة جسدك ونبرة صوتك، ويؤثر سلباً في جودة التدريب.
يجب عليك أن تكون مرناً، وتغيِّر من أسلوبك بما يتوافق مع احتياجات الطالب، ولا تكرر الشرح بنفس الطريقة؛ إذ تظهر مشاعر الإحباط عبر لغة جسد ونبرة صوت بعض المدربين في أثناء إعادة شرح المعلومة للطلاب، فيستحيل أن يفهم الطلاب في مثل هذا الوضع؛ لأنَّهم سيشعرون بالاستياء من المعلومة بحد ذاتها ومن موقفك وطريقة شرحك المستفزة.
فيما يأتي 3 طرائق لمساعدة الطلاب على فهم المعلومة:
قد يتمكن الطالب الذي فهم المعلومة من شرحها بطريقة مختلفة قريبة من ذهن نظيره الذي عجز عن فهمها من خلال شرحك.
يمكنك أن تستخدم التمرينات الجماعية والنقاشات بين المتدربين.
يمكنك أن تغير أسلوب شرحك، أو تستخدم مواد تدريب جديدة تساعدك على إعادة تقديم المحتوى بطريقة مختلفة.
على فرض أنَّك تحاول تعليم الطلاب رسم المجسمات ثلاثية الأبعاد والتظليل باستخدام الفحم، فقد يواجه بعض الطلاب صعوبة في استيعاب الفكرة، ويمكنك في مثل هذه الحالة أن تكلفهم برسم بيضة موضوعة في صندوق أسود مفتوح من جانب واحد ومعرض للضوء من جهة فقط؛ لذا يتعين على الطالب في هذه الحالة أن يركز على نظام إنارة وتظليل واضح وبسيط، وسوف يتمكن الطلاب من فهم المبادئ الأساسية المتعلقة بالتظليل بعد إنهاء التمرين.
يعجز الطالب في بعض الأحيان عن فهم الفكرة لأنَّه لم يستوعب مفاهيم الموضوع السابق المرتبطة بها؛ لهذا السبب، يجب عليك أن تعيد شرح الأفكار والمفاهيم السابقة وتوضحها له بِعَدِّ أنَّ المعرفة تراكمية في بعض المواد وعلى رأسها الرياضيات، وقد تضطر للعودة إلى المفاهيم القديمة أو حتى الأساسيات لتكتشف المشكلة وتعوض النقص وتكمل شرح الموضوع الحالي.
أحياناً يهدر المدرِّب جزءاً كبيراً من الوقت المخصص للدورة التدريبية في تغطية موضوع ثانوي على حساب بقية الموضوعات الهامة والممتعة، فيحرص البالغون على إدارة وقتهم واستثماره على أكمل وجه، ولاسيما في العصر الحديث.
لهذا السبب، يجب عليك ألَّا تهدر وقتهم وتنتقل للموضوعات الرئيسة بسرعة، ويجب عليك ألا تقدِّم المحتوى الهام عندما يكون رتيباً ومملاً دفعة واحدة؛ وإنَّما يُستحسَن أن ترفقه ببعض الموضوعات الشيقة لكي تحافظ على حماسة الطلاب.
يجب عليك أن تتروَّى في الشرح وتجزِّئ المحتوى إلى وحدات صغيرة قابلة للاستيعاب، بدل أن تستعجل وتقدِّم مقداراً كبيراً من المعلومات دفعة واحدة؛ لأنَّك ترغب بإنهاء الدورة التدريبية بسهولة وسرعة.
يعتقد بعضهم أنَّ المعلم الناجح هو من يعرف جميع الأجوبة، وهي عقلية مؤذية للغاية، فلا بأس بأن تعترف بأنَّك تجهل الجواب الصحيح في بعض الأحيان بدل أن تقدِّم أجوبة خاطئة وتخسر ثقة الطلاب، فإنَّك تثبت مصداقيتك وجدارتك بالثقة عندما تتقبل نقاط ضعفك وأخطاءك وافتقارك إلى بعض المعلومات والمعارف.
ليس ثمة إنسان كامل، ومن يدَّعي أنَّه مثالي فهو على الأرجح يخفي عيوبه التي يمكن أن تظهر على العلن في أيَّة لحظة؛ إذ تتزعزع ثقة الإنسان بنفسه عندما يكون قلقاً من افتضاح أمره.
عندما تخبر طلابك أنَّك تجهل المعلومة، ولكنَّك مهتم بالبحث عنها، فهذا يعني أنَّك ما زلت تتعلم؛ إذ إنَّ توقك لتعلُّم مزيد من الموضوعات وقبول حقيقة جهلك لبعض الموضوعات، يجعلك تبدو متواضعاً أمام الآخرين، ويساعدك على توفير بيئة تعلُّم آمنة تتيح للطلاب إمكانية الاعتراف بأريحية عندما يجهلون معلومة أو سؤال ما.
لقد قدَّمنا في المقال مجموعة من النصائح التي يجب أن تركز عليها حتى ترفع من سوية دوراتك التدريبية، فيجب عليك أن تطبق هذه النصائح حتى تعتاد عليها وتصبح جزءاً من دوراتك التدريبية.