كيف يمكنك أن تحافظ على حماسة المتدربين؟ وماذا يتطلب تحفيز المتدربين؟ وماذا يمكنك أن تفعل لتشجع المتدربين على استخدام وتطبيق ما تعلَّموه في الدورة التدريبية؟ وكيف يمكنك مساعدتهم على اكتساب مهارة ما وتنميتها على الأمد الطويل بعد انتهاء الدورة التدريبية؟
يجيب المقال عن الأسئلة المذكورة آنفاً، ويقدِّم مجموعة من الطرائق والأساليب البسيطة المستخدَمة في تحفيز المتدربين خلال الدورات التدريبية.
يساعدك الجزء الأول من المقال على إجراء دراسة تحليلية لسلوكاتك عندما كنتَ متدرباً، قبل التطرق لأساليب تحفيز الآخرين، فتذكَّر أولى اهتماماتك التعليمية عندما كنتَ متدرباً، وكيفَ قررتَ أن تقضي معظم وقتك في تعلُّمها وممارستها، فربما كنتَ مولعاً بالبرمجة، أو بالتصميم الغرافيكي، أو صناعة المنحوتات على سبيل المثال.
لا بدَّ أنَّك بدأتَ بإجراء الأبحاث عبر الإنترنت وجمع مزيد من المعلومات عن موضوع اهتمامك عبر قراءة المقالات والكتب، والاطلاع على الشروحات والدروس المجانية المتوفرة، ومشاهدة مقاطع الفيديو المتعلقة بالموضوع، ومن الطبيعي أن يقرر الفرد التسجيل بالدورات التدريبية التفاعلية أو المتاحة عبر الإنترنت عندما يرغب بتعلُّم مزيد عن اهتماماته، ولا ريب أنَّك فعلتَ المثل فيما مضى.
على فرض أنَّك سجلتَ في دورة تدريبية لتعلُّم الرسم الزيتي، وتسنَّى لك حينها أن تتعلم كثيراً وتتعرف إلى طلاب آخرين مهتمين بالرسم الزيتي، ومتحمسين لتنمية مهاراتهم والتقدم في هذا المجال، ومن الطبيعي أن تشعر بالحماسة والاندفاع، والرغبة بالعمل على مشاريع رسم جديدة بأسرع ما يمكن، وتطبيق الأفكار والتقنيات التي تعلمتَها في الدورة التدريبية.
تقرر بعد ذلك تخصيص بعض الوقت لممارسة الرسم، وتكتشف أنَّك تقضي وقتاً ممتعاً وترسم بشغف، ولكنَّك سرعان ما تشعر بالإحباط بسبب عجزك عن بلوغ مستوى الاحتراف الذي تطمح إليه، فأنت تعي أنَّك مبتدئ وتحتاج إلى كثير من الممارسة، ولكنَّك تشعر بالإحباط من كثرة المعلومات والتقنيات التي يتعيَّن عليك أن تتعلمها وتتقنها قبل أن تتمكن من احتراف الرسم.
قد تنشغل بعد ذلك بالعمل، وتتعهد بممارسة الرسم في العطلة المقبلة، فيمر الأسبوع وتبدأ بفقدان اهتمامك بدورة الرسم بسبب كثرة الانشغالات والضغوطات في حياتك الشخصية والمهنية، ثم تحل العطلة، وتضطر للقيام ببعض الأعمال والالتزامات، ولا يتسنى لك الوقت لترسم.
يمضي أسبوع آخر، وعطلة أخرى، ولكنَّك لم تعد متحمساً ومندفعاً كالسابق، فما الذي تغيَّر؟ وما هو سبب رغبتك بالتسويف؟ ولماذا صرتَ تتجنب الرسم؟ وهل يمكنك استعادة حماستك؟
يجب عليك أن تفكر بتجربة مشابهة حدثَت معك عند تسجيلك بإحدى الدورات التدريبية في السابق، وتتذكر مشاعرك وأفكارك عندما توجَّب عليك تطبيق المعارف والمهارات المكتسبة، وتجيب عن الأسئلة الآتية:
لطالما عُدَّ التحفيز موضوعاً هاماً في أبحاث علم النفس التربوي وتدريب اليافعين؛ إذ يتسنى للمدرِّب أن يكتشف أساليب وتقنيات تحفيز المتدربين عندما يضع نفسه مكانهم، ويتصور مواقفهم، ويدرك طريقة تفكيرهم وظروفهم.
يجب تحديد المشكلة الكامنة وراء تدنِّي مستوى حماسة المتدرب، ومعالجتها عبر اتباع الخطوات الآتية:
فيما يأتي 4 طرائق لتحفيز المتدربين:
يندفع المتدرب للبحث عن موضوع اهتمامه، وقراءة الكتب والمقالات المتعلقة به، ومناقشته مع الآخرين، إلى جانب تطبيقه وممارسته، ولكنَّه سرعان ما ينتهي من هذه الإجراءات المبدئية بعد فترة قصيرة، ولا يعرف كيف يستمر ويتابع العمل على موضوع اهتمامه، وهو ما يؤدي إلى إحباطه وفقدانه للحماسة المطلوبة.
من الطبيعي أن يتجنب الفرد موضوع اهتمامه عندما يجهل كيفية التعامل معه ومتابعة العمل عليه وممارسته، وقد يزداد نفوره مع مرور مزيد من الوقت.
كيف يمكن للمتدرب أن يحفز نفسه؟
تقتضي إحدى تقنيات الحفاظ على الحماسة بعد انتهاء الدورة التدريبية أن تجعل موضوع اهتمامك جزءاً من حياتك اليومية، عبر القيام بعدد من الممارسات البسيطة التي تتعلق به وتثير حماستك من جديد.
على فرض أنَّك شاهدتَ لوحة زيتية بديعة فخطر لك أن تتعلم الرسم، وبدأتَ بالبحث عن الموضوع وقراءة الكتب والمقالات، ومشاهدة مقاطع الفيديو التعليمية عبر الإنترنت، والبحث عن اللوحات الزيتية الجميلة بهدف تذوق الفن والاستمتاع بجماله، وقد تدفعك حماستك ورغبتك بالخوض في مجال الرسم إلى التسجيل في دورة تدريبية أسبوعية.
يجب عليك أن تركز على أفعالك لكي تحافظ على حماستك وتواصل التقدُّم في مجال الرسم، وفيما يأتي بعض الأمثلة عما يمكنك أن تفعله من أجل الحفاظ على حماستك الأولية:
بهذه الطريقة، تبقى حماستك واندفاعك في أوجهما، وعلى الأرجح ستفكر في حضور دورة تدريبية أخرى، ومشاهدة مزيد من مقاطع الفيديو عبر الإنترنت، وتخطط لزيارة المتاجر والمعارض المختصة بالرسم الزيتي، وهذا يعني أنَّك جعلتَ تجربة الرسم جزءاً من حياتك وممارساتك اليومية.
تساعدك هذه الممارسات والتطبيقات على الحفاظ على حماستك ودافعك، وإحراز مزيد من التقدُّم، ومتابعة العمل على موضوع اهتمامك وإيجاد مزيد من التطبيقات الأخرى.
"يتحقق النجاح عند اجتماع عوامل الصبر، والمثابرة، والجد" - الكاتب الأمريكي "نابليون هيل" (Napoleon Hill).
بيَّنت الدراسة التحليلية السابقة أنَّ الحفاظ على الحماسة يتطلب تطبيق ممارسات وأفعال تتعلق بموضوع الاهتمام، إضافة إلى جعله جزءاً من الحياة اليومية والنشاطات الاعتيادية.
يمكن أن يقوم المدرِّب بتكليف المتدربين بمهام معيَّنة على فترات منتظمة حتى يحافظوا على اهتمامهم بالموضوع على الأمد الطويل، فقد يستلهم المتدرب مجموعة من الممارسات والنشاطات والأفعال المتعلقة بمجال اهتمامه من المهام التي تكلفه بها، وهو ما يساعده على الحفاظ على حماسته ودافعه.
فيما يأتي بعض الأمثلة عن المهام التي يمكن تطبيقها في الدورات التدريبية:
لقد قدَّم هذا الجزء من المقال شرحاً مفصلاً عن سلوكات المتدربين عند التسجيل في الدورات التدريبية والعوائق التي تمنعهم من مواصلة التعلم عن طريق تقديم مثال نموذجي، وتمت مناقشة الطريقة الأولى لتحفيز المتدربين بشكل مفصل واقتراح عدد وافٍ من الحلول، وسيقدِّم الجزء الثاني والأخير من المقال بقية الطرائق المستخدَمة في تحفيز المتدربين.