ثمة العديد من النظريات التي تتناول طريقة استيعاب الكبار للمعلومات ومعالجتها؛ وفي حين أنَّ هذه النظريات قد طُرِحت منذ وقت طويل، إلَّا أنَّها ما تزال يمكن تطبيقها إلى يومنا هذا؛ حيث ينبغي معرفة النظريات الكامنة وراء التطبيق العملي لطريقة التعامل مع الكبار في إطار تعليمي، وتوفير بيئة تعزز الدوافع، ومساحة آمنة للتعلم.
كيف يمكن إذاً تشجيع وتحفيز المتعلمين الكبار، وخلق بيئة آمنة تسهل عملية تعلمهم؟
إليك الأسس الآتية المتعلقة بتعليم الكبار، والتي يمكن استخدامها في تصميم وتقديم الدورات التدريبية:
بعد الحديث عن المبادئ الأساسية في مجال تعليم الكبار، ننتقل الآن إلى التحدث عن خمسة باحثين أسهموا في إثراء البحوث المتعلقة بكيفية تعليمهم؛ وهم ليسوا الأفضل بالضرورة، ولكنَّهم معروفون جميعاً بإسهاماتهم الواسعة في هذا المجال:
افترض سكينر في نظريته أنَّ أفضل سبيل لفهم السلوك البشري هو من خلال مراقبة أسباب هذا السلوك ونتائجه، وهذا ما سمَّاه "بالإشراط الإجرائي" (operational conditioning)؛ حيث كان يعتقد أنَّ التعلم شكل من أشكال التعديل السلوكي الذي يؤدي إلى تجلي وتشكيل السلوكات الجديدة عبر برامج تعليمية مصممة خصيصاً لهذا الغرض، ويشيع هذا المنهج في التدريب الذي يتطلب دقة ومهارات فذة.
يستند التعديل السلوكي على فكرتي التعزيز الإيجابي والسلبي؛ حيث يُمنَح في التعزيز الإيجابي مكافأة لتحفيز السلوك المرغوب فيه، بينما ينطوي التعزيز السلبي على تجنُّب إظهار السلوك غير المرغوب فيه لتقوية الاستجابات الإيجابية.
تعدُّ أعمال بلوم (Bloom) من الأعمال الرائدة والأساسية في مجال تعليم الكبار، والتي تتمحور حول تصنيف الأهداف التعليمية التي تعالج المستويات العالية والمنخفضة من المعارف والمهارات لتعزيز عملية التعلُّم؛ وبناءً على ذلك، تعتمد العديد من برامج التدريب العسكري على تصنيف بلوم (Bloom).
تُقسَم الأهداف هذه إلى ثلاثة مجالات من التعلم، وهي:
كتب جاردنير (Gardiner) خلال مسيرته المهنية مئات المقالات، وما يزيد عن ثلاثين كتاباً يتعلق بتعليم الكبار؛ ولعلَّ أشهر أعماله نظرية الذكاءات المتعددة، والتي تنص على أنَّ المتعلمين الكبار يعالجون المعلومات بثماني طرائق مختلفة، منها الذكاء الشخصي، والذكاء الفطري، والذكاء المكاني، والذكاء الرياضي؛ ويُطبَّق العديد من هذه الذكاءات في البرامج التي تقوم على العلاقات بين الناس، مثل المبيعات، ودورات التدريب على القيادة.
يُنسَب الكتاب الكلاسيكي الشهير في نظرية تعليم الكبار الذي يُسمَّى "المتعلم البالغ" (The Adult Learner) إلى العالم النظري نولز. ورغم أنَّه ألَّفه في عام 1970، ولكنَّه ما زال مرجعاً تعتمد عليه الكثير من برامج التعلم في وقتنا الحاضر؛ فقد صاغ نولز مفهوم الأندراغوجيا (Andragogy) الذي يشير إلى فن وعلم مساعدة الكبار على التعلم، والذي ركز على الأسس الآتية في تعليم الكبار، وهي:
غالباً ما تُضاف هذه الأسس إلى أيِّ دورة تدريبية؛ كما أنَّها المبادئ ذاتها التي لُخِّصت في بداية هذا المقال.
درس المنظر التربوي كولب قوة التعلم التجريبي، والتي تمتد من التعلم الفردي والتطور المهني لتصل إلى التغيير الاجتماعي.
تتناول أعمال كولب تشكيل المفاهيم والتعميمات المجردة، وإنشاء إطار عمل لفهم طريقة معالجة الناس للمعلومات وإدراكهم لها؛ وتتضمن دورة التعلم التجريبي الخاصة بكولب) أربعة أجزاء هي:
يعدُّ تعليم الكبار مجالاً دراسياً واسعاً يتضمن الكثير من النظريات والباحثين المساهمين، ولا يمكن اعتبار أيٍّ من النظريات أفضل من غيرها، وينبغي وضع الظروف في عين الاعتبار عند التفكير في تبنِّي أيٍّ منها.